دجاجات عمرو خالد… إبراهيم جابر إبراهيم

 

قبل ذلك بوقتٍ طويل.. وقبل قصة الإعلان عن “الدجاج” الذي يعزّز الشعور بالتقوى، ظلَّ الداعية عمرو خالد يثير جدلاً دائماً; منذ بدايات ظهوره الحيّ، وحتى “نجوميته” المتبجحة، والآن في مرحلة أفوله.

وربما كان ذلك الجدل من ضرورات مشروعه “الدعوى” الذي استند لأدوات جديدة، ومن ضرورات “البروباغندا” التي اشتغل عليها.

فمنذ ظهوره فاجأ خالد الجمهور بشخصية حداثوية للداعية لم يعتدها الفلكلور الدعوي الإسلامي؛ والذي كان مرتبطا غالبا بالعمامة واعفاء اللحية وحف الشارب والدشداشة التي يظهر السواك من طرف جيبتها، فخرج هذا الرجل على الناس بربطة عنق وبدلات أنيقة بشارب خفيف جدا وبلا لحية وبوسامة معقولة، جعلته بسرعة نجما لدى الشباب والشابات الذين كانوا يبحثون عن طبعة جديدة و(مودرن) من الدين… تجعلهم لو اتبعوها يوائمون بين الالتزام ومتطلبات الحياة الجديدة، ولا يكونون ايضا محط اتهام بالتخلف!

وهكذا حقق خالد ارتياحا عارما لدى هذه الاجيال الجديدة، وهو ما أظنه كان جزءا مهما من مشروع.

لكنه لاقى تململا خافتا لدى التقليديين وكبار السن، خصوصا بعد ما راج عن تطويعه الاحكام الفقهية الصارمة لتغدو أكثر لينا وطواعية ولتتناسب مع مشروعه.. أو فكرته !

واستمر الرجل يثير جدلا لأسباب متباينة، حتى تم منعه من المحاضرات والندوات في مصر، فاختار الإقامة خارج العالم العربي، ثم ما لبث ان ثار حوله لغط كبير عندما زار “الدانمارك” في ذروة أزمة “الصور المسيئة” للمشاركة في مؤتمر قال حينها أنه سيصحح من خلاله النظرة للرسول !

وقد اعتبرت خطوته (بالذهاب إلى الدانماركيين إذ ذاك) انفتاحا على الآخر أكثر مما يجب، في توقيت غير ملائم، وتنازلا غير محمود، وجرى تأويلها إلى أكثر من منحى.

وكتب كثيرون بعد ذلك منتقدين الداعية النجم الذي صارت محاضراته بتذاكر مدفوعة الأجر، واتهمه آخرون بالخطأ في الآيات والاحاديث، وقيل لاحقا أنه رفع أجره للمقابلات التلفزيونية الى 500 دولار للساعة، ثم تلتها بعد ذلك المفاجأة غير المفهومة ببرنامجه (دعوة للتعايش) والذي ألف مقدمته الموسيقية الفنان تامر حسني!

الكثيرون تساءلوا وقتها: التعايش مع من؟ والاجتهادات كانت كلها تلتقي على اجابة واحدة !

لكن (عمرو خالد) شاء وقتها أن يوفر الاجتهادات على أصحابها، وأن يكفيهم مؤونة التفكر والتدبر، حين قال في اتصال هاتفي من الولايات المتحدة (!) مع برنامج “القاهرة اليوم” أن تكريمه من قبل مجلة “تايم الأميركية” ضمن أكثر من مائة شخصية مؤثرة في العالم جاء بسبب زيارته للدانمارك!

وردا على سؤال حول لقاء محتمل له مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية في الحفل الذي كان سيحضره يومها، باعتبارها أيضا أحد المكرمين، قال خالد بصراحة ووضوح أنه لن يتردد في مصافحتها… لكنه (مشكورا) لن يغير من قناعاته تجاه الفلسطينيين !

وأضاف خالد “ان اليهود من أحفاد ضحايا الهولوكست يمارسون هولوكست جديدا ضد الفلسطينيين، وكأنما يحاولون تفريغ شحنات الغضب التي تولدت لديهم” !

وكان ينقص كلامه أن يضيف: وهذا متفهم إلى حد ما!

هذا هو عمرو خالد، في تتبّع مختصر، لذلك يبدو انتقاده الآن لأنَّه ظهر في إعلان للدجاج، تسطيحا وابتذالا لكل الأسباب آنفة الذكر.. التي تضع الرجل موضع الريبة منذ وقتٍ طويل.

مقالات ذات صلة