هل حالنا الآن هي طموحنا غدًا؟.. يوسف غيشان

من أين نستقي العبر من دروس التاريخ؟

أعتقد أن على العالم بأكمله أن يستخلص العبر والدروس من تاريخ أوروبا….. فالشعوب الأوروبية هي بالتأكيد اكثر شعوب العالم التي ارتكبت المجازر في حق بعضها وخاضت حروبا وحشية لم تكن أولها حرب المئة عام ولا حرب الثلاثين عاما  ولا مجازر محاكم التفتيش ولا حروب «ازعر التفعيص» نابوليون،  مرورا بالحربين العالميتين، وربما لن  تكون آخرها . ولا ننسى ما أقترف الأوروبيون من مجازر في حق الشعوب الأصلية في الأمريكيتين والهند والهند الصينية  وافريقيا وغيرها…وبعد أن سبحت هذه الشعوب في الدماء قرونا (راقت) اوروبا وتعقلت، ولو الى حين.

احدى هذه الحروب الأوروبية تسمى في كتب التاريخ بـ(حرب الثلاثين عاما)، حيث القى بروتستنتيون ساخطون (عام 1614) بثلاثة من مستشاري الإمبرطور الكاثوليك، من  شباك قلعة في براغ، فسقطوا على كومة من روث الحيوانات، ولم يمت أي منهم . لكن حربا اندلعت بسبب هذه الشرارة  دامت لغاية 1648، يعني أكثر بأربع سنوات من اسمها المتداول.

في السنة الأولى بدأت هذه الحرب بين الكاثوليك والبروتستانت ثم تحولت الى ميمعة و(طعة وقايمة)، ثم تغيرت الاصطفافات حسب المصالح، وعاثت جحافل من الجيوش المرتزقة من قليلي الأجور، عاثت الدمار في المدن والأرياف الأوروبية، وقتلت من وقف في طريقها ومن لم يقف  ونهبت وسرقت كل شيء.

حارب البروتستنتي مع الجيوش الكاثوليكية وحارب الكاثوليكي مع الجيوش البروتستنتية وتنقلوا بين الفريقين لمن يدفع اكثر أو من يحارب في مناطق يمكن النهب منها اكثر ، وهكذا خسرت المانيا نصف سكانها وهاجر نصف من تبقى الى الأمريكيتين ، وحصدت الحرب والأمراض والجوع الناتج عنها نصف شعوب اوروبا تقريبا (هذا ما يحصل عندنا حاليا).

واستمرت هذه الحرب العبثية الى عام 1648 ، حيث اجتمع قادة من تبقى من شعوب، وبعد محادثات طويلة عريضة اتفقوا على صيغة سلام تعيد الأمور بين الكاثوليك والبروتستانت الى ما كانت عليه قبل 34 عاما..ويا دار ما دخلك شر.

أتمنى أن لا نصل الى مثل هذه المرحلة في عالمنا العربي ، وأن لا نتقاتل ونتبادل الأدوار – حسب المنفعة-  ولا ندخل المرتزقة من الدول والأفراد بيننا …!!

بصراحة : اشعر بأننا نسير في هذه الطريق ..ولا أعرف في اي عقد أو أي قرن سوف نجتمع لنعيد الأمور الى ما كانت عليه الحال هذه الأيام ، وهي حال مؤلمة ومفجعة ولا نحسد عليها ..تخيلوا ان تكون حالنا هذه الأيام، هي طموحنا بعد عدة عقود.

فقط تخيلوا.

مقالات ذات صلة