هكذا تحدث ستة رؤساء للموساد عن دولتهم..ياسر زعاترة
مهم جدا أن تستمع لستة من قادة جهاز «الموساد»، يتحدثون عن وضع كيانهم على مرمى الاحتفال بسبعين عاما على إنشائه، في ظل رعب (رسمي فلسطيني) من فتح مواجهة شاملة، حتى لو سلمية حقيقية (بمعنى اشتباك مع الحواجز، ومنع للغزاة من دخول مناطق السلطة، وعصيان مدني)، وفي ظل رعب عربي رسمي مشابه، ومغازلة للكيان.
نتحدث عن لقاء نادر كما وصفته صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي نظمته، حيث جمع ستة من رؤساء «الموساد» السابقين.
تقول الصحيفة التي أجرت الحوار، إنهم جميعا، وهم: تسفي زمير (93 عاما)، ناحوم أدومي (88)، شبتاي شفيت (78)، داني ياتوم (73)، أفرايم هليفي (83) وتمير باردو (65)، أعربوا «عن تخوف شديد من الاتجاه الذي تسير فيه الدولة في مستهل العقد الثامن من وجودها».
يقول أولهم (شبتاي شفيت): «أشعر بسوء شديد في ما يحصل في الدولة اليوم. فالخراب عميق وشامل جدا. لا توجد خطوط حمراء، لا يوجد محظور. وأضيف الى هذا الوفرة في الشعب». ويضيف: «كرجال استخبارات، فإن القدرة الأهم لدينا هي توقع المستقبل»، ولذلك «أجدني أسأل نفسي: أي دولة سأخلف أنا لأحبابي، ولا أستطيع أن أجد جوابا».
يتابع: «المشكلة هي مشكلة القيم، الشروخ».. «نحن بحاجة إلى زعامة يمكنها توجيه الدفة بين الأزمات إلى الأماكن الصحيحة. ولأسفي الشديد، هذا ليس موجودا اليوم».
تسفي زمير يقول: «اليوم أنظر بقلق وبألم الى ما يبدو كقيم أساسية توجه قرارات الزعيم»، «لست واثقا من أنه لدى رئيس الوزراء وكبار المسؤولين في محيطه تتغلب المصالح العامة على المصالح الشخصية بمزيد من القوة ومزيد من المال. أنا قلق من المستقبل، فنتنياهو سيذهب ذات يوم. ما الذي سيخلفه لنا؟ معاييره تغلغلت إلى كل محيطه. يحزنني جدا أن مثل هذه المجموعة يمكنها أن تدير لنا الدولة، إذ أن لدينا هنا أبناء وأحفاد وأبناء أحفاد، وأريد أن يعيشوا في بلاد سليمة ومعافاة، والبلاد مريضة. نحن في وضع صحي ميؤوس منه. نتنياهو قد يكون تلقى الدولة مع أعراض المرض، ولكنه جلبها إلى وضع خطير من المرض الخبيث».
داني ياتوم يقول: «نحن في منحدر سلس جدا.. توجد هنا شرور شديدة المرض. الناس حول رئيس الوزراء والناس في مناصب أساسية يخضعون للتحقيق على الفساد العام، وكل هذا لأنهم يضعون مصالحهم قبل مصالح الدولة. يقلقني الانفلات على حماة الحمى، وانعدام الفعل في المجال السياسي مما يؤدي بنا إلى دولة ثنائية القومية، وهذه هي النهاية للدولة اليهودية والديمقراطية. ولهذا فإنني أعتقد أن على نتنياهو أن يرحل إلى بيته».
أفرايم هليفي يقول: «لا شك أن نتنياهو ذكي جدا.. ولكن ربطه بين الحاجة إلى العناوين الرئيسة وانشغاله بصورته العامة، وبين إدارة الدولة والشؤون الأمنية هو ربط إشكالي».
تمير باردو يقول: «أعتقد أنه حصل في إسرائيل شيء ما سيء جدا للزعامة. أعتقد أن زعامة الدولة تقاس أولا وقبل كل شيء بقيمها وسلوكها العام. هناك خلل خطير جدا في الساحة السياسية. كلّ ما ليس جنائيا مسوّغ. المشكلة ليست الجنائي، بل القيمي. نحن نريد أن يقف على رأس الدولة أناس يشكلون قدوة شخصية، وهي لا توجد على المستوى الجنائي، بل أولا وقبل كل شيء على المستوى القيمي. في اللحظة التي يضيع فيها هذا، فإننا نضيع».
ناحوم أدومي قال: «أنا قلق جدا من موضوع الشروخ في المجتمع الإسرائيلي.. هذا أقوى الآن مما كان في أي وقت مضى. الشرخ بين المتدينين والعلمانيين، بين الشرقيين والاشكناز. وهذا ليس فقط لا يلتئم منذ سنين، بل يتسع».
حديث القوم هنا، لم يتطرق إلا للبعد الداخلي، وهو ذاته الذي أفضى إلى هزائم متتالية للكيان في حروبه القرن الجديد (2006، 2009، 2012، 2014)، لكنه لم يتطرق إلى البعد الخارجي ممثلا في تراجع القوة الأمريكية والغربية، وهي القوة التي أفضت عمليا إلى إنشاء الكيان ومنحه كل أسباب القوة.
كل ذلك يؤكد أن إمكانية التمرد على هذا الكيان، وإيقاع المزيد من الهزائم به، أمر أكثر من ممكن، فالشعب أثبت أنه جاهز للتضحية (ما جرى في غزة خلال الأيام الماضية يؤكد ذلك).