الجزائر تعلن “إعادة النظر” في علاقاتها مع المغرب بسبب “أفعال عدائية متكررة”

حرير _ قرّرت الجزائر الأربعاء “إعادة النظر” في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد، في تصعيد إضافي للأزمة الدبلوماسية بين البلدين الجارين.
وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان إنّ “الأفعال العدائية المتكرّرة من طرف المغرب ضدّ الجزائر تطلّبت إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية”.
والحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة رسمياً منذ 16آب/ أغسطس 1994.
ولم يصدر في الحال أيّ ردّ من الرباط على القرار الجزائري.
واتّخذ القرار خلال اجتماع استثنائي للمجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون وخصّص لتقييم الوضع العام في الجزائر عقب الحرائق الضخمة اجتاحت شمال البلاد وأودت بحياة 90 شخصاً على الأقلّ.
واتّهمت الرئاسة الجزائرية في بيانها المغرب وإسرائيل بالتآمر ضدّها.
وقالت إنّ الاجتماع بحث “الأحداث الأليمة الأخيرة والأعمال العدائية المتواصلة من طرف المغرب وحليفه الكيان الصهيوني ضدّ الجزائر”.
وبحسب السلطات الجزائرية، فإن معظم الحرائق التي اندلعت في الجزائر مفتعلة رغم أنّها لم تقدّم أيّ دليل على ذلك حتى الآن.
وأمر تبّون في الاجتماع الجيش “باقتناء ست طائرات مختلفة الحجم موجّهة لإخماد الحرائق”.
وأتت الحرائق الهائلة التي استعرت في 9 آب/أغسطس الجاري على عشرات آلاف الهكتارات من الغابات في 26 ولاية من أصل 58 ولاية في الجزائر. كما تسبّبت بمقتل 90 شخصاً على الأقل، بينهم 33 جندياً، بحسب تقارير مختلفة للسلطات المحلية ووزارة الدفاع.
لكن بغضّ النظر عن الخسائر البشرية والمادية وأوجه القصور التي أظهرتها السلطات خلال هذه الحرائق، صدمت الجزائر بجريمة القتل الشنعاء التي راح ضحيّتها شاب اتُّهم خطأ بمشاركته في إشعال الحرائق في منطقة القبائل (شمال شرق)، وهي المنطقة الأكثر تضرّراً.
وأوقف 61 شخصاً في قضية مقتل جمال بن إسماعين، بحسب الشرطة الجزائرية التي اتّهمت حركة انفصالية في منطقة القبائل معروفة باسم “الماك”، بالتورّط في قتل الشاب.
وأقرّ بعض المشتبه بهم الذين أوقفوا على ذمّة هذه الجريمة بانتمائهم إلى الحركة، بحسب اعترافات صوّرها وبثها التلفزيون الجزائري.
لكن “الماك”، الحركة المصنّفة “إرهابية” في الجزائر، رفضت في اتصال مع وكالة فرانس برس في مقرّها في باريس هذه الاتهامات.
وفي بيانها قالت الرئاسة الجزائرية إنّ تبّون “أسدى تعليماته لجميع القطاعات لمتابعة تقييم الأضرار والتكفّل بالمتضرّرين من الحرائق التي ثبت ضلوع الحركتين الإرهابيتين +الماك+ و+رشاد+ في إشعالها، وكذا تورّطهما في اغتيال المرحوم جمال بن سماعين”.
و”رشاد” حركة إسلامية محافظة مقرّها في لندن، وهي على غرار “الماك” محظورة في الجزائر ومصنّفة إرهابية.
كما قرّر المجلس الأعلى للأمن، وفقاً للبيان “تكثيف المصالح الأمنية لجهودها من أجل إلقاء القبض على باقي المتورطين في الجريمتين وكلّ المنتمين للحركتين الإرهابيتين اللتين تهدّدان الأمن العام والوحدة الوطنية، إلى غاية استئصالهما جذرياً، لا سيّما +الماك+ التي تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية وخاصة المغرب والكيان الصهيوني”.
ومما لا شكّ فيه أنّ القرار الجزائري سيزيد من تدهور العلاقات المضطربة أساساً بين الجزائر والرباط.
وتشهد علاقات الجارين توتراً منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية التي يعتبرها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أرضه ويعرض منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.
ويعتبر المغرب الجزائر طرفاً أساسياً في نزاع الصحراء الغربية، ويشدّد على ضرورة التفاوض معها مباشرة لحلّ النزاع.
وقبل شهر بالضبط، استدعت الجزائر سفيرها في الرباط للتشاور على خلفية إعلان سفير المغرب لدى الأمم المتحدة دعم “الماك”. وجاء الإعلام المغربي ردّاً على إثارة وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة قضية الصحراء الغربية في اجتماع لحركة عدم الانحياز.
كما أدّى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل – مقابل اعتراف الولايات المتّحدة بـ”السيادة” المغربية على المستعمرة الإسبانية السابقة – إلى تصعيد التوتّرات مع الجزائر التي ندّدت بـ “مناورات خارجية” هدفها زعزعة الاستقرار.
وتتمتّع الجزائر، وهي أكبر بلد في إفريقيا، ب4,1 ملايين هكتار من الغابات، مع معدل إعادة تشجير ضئيل يبلغ 1,76 في المئة.
ويتأثر شمال البلاد كل عام بحرائق الغابات لكن هذه الظاهرة تتفاقم. وعام 2020، دمّرت الحرائق قرابة 44 ألف هكتار من الغابات وهو رقم سيتم تجاوزه بشكل كبير في العام 2021.-(أ ف ب)

مقالات ذات صلة