الصديق وقت التعديل!.. صالح عبدالكريم عربيات

حين كنت أراجع دروس أبنائي في مبحث اللغة العربية للصف الثالث كان موضوع الدرس عن الأصدقاء حيث تقول الحكاية : كان شاب يسير مع أصدقائه قرب غابة فيها حيوانات مفترسة ، فجأة ظهر لهم دب كبير فقال الشاب : ابقوا معا ، نحن نستطيع أن ننتصر عليه مجتمعين ، لكن الأصدقاء ركضوا نحو أشجار عالية ، تسلقوها وتركوه وحيدا .. احتار الشاب ، ولم يعرف ماذا يفعل ، ثم استلقى على الأرض من غير حركة وكتم أنفاسه ، وصل إليه الدب ، وأخذ يشمه ، وظنه ميتا ، ثم تركه وعاد الى الغابة .

نزل الأصدقاء عن الأشجار ، وسألوا صديقهم : رأينا الدب يضع فمه قرب أذنك ، ماذا قال لك ؟ أجاب : الصديق وقت الضيق ، فلا تصاحب هؤلاء الجبناء  ( انتهت الحكاية ) .
طبعا في إحدى المرات كنت أسير مع أصدقائي وظهر لنا
( جرو ) هربنا  جميعا ، وأذكر أننا حطمنا الرقم القياسي العالمي في القفز على السناسل وخزانات الماء .. بعد يومين التقينا ولم نقل لبعضنا البعض : يا ساقط لماذا هربت ؟! بل استذكرنا المثل القائل : الفليلة ثلثين المراجل .. مع أن
(الجرو ) كان حديث الولادة  ولم يكن له حتى مجرد أسنان !
في درس وزارة التربية والتعليم كان مطلوب من الأصدقاء أن يقفوا بمواجهة دب للتعبير عن عمق صداقتهم ، وذلك حتى  يأكلهم  الدب كوجبة عائلية بدل الوجبة الفردية !
العجيب في القصة أن الدب حين وجد الشاب مستلقيا على الأرض بدون نفس ظن أنه ميت فتركه ، يا ترى لماذا لم يأكله فورا مع مايونيز وبطاطا  ؟! ربما  كان الدب يريد قبل أن يقتله أن يسأله عن وصيته او عن مكان ولادته لأن الدب لا يأكل الا اللحم البلدي ، ولربما  كان الدب  يريده عقيقة لأحد أبنائه ويعزم عليه آل دب الكرام وحين وجده ميتا ذهب ليبحث عن آخر بشرط أن يكون حيا يرزق وسليما من أي إصابة حتى يحقق شروط العقيقة ..  والتفسير الأقرب للمنطق هو أن  الدب لا يأكل  إلا البني آدم الطازج  ولا يأكل المجمد لذلك لم يلتفت إليه  ، ويبقى هناك احتمال وهو أن الدب وجد هذا الشاب أثناء عودته من وليمة زفاف أحد الدببة ولا  مكان لهذا الشاب في معدته بعد أن أكل مناسف خرفان وتبعها هيطلية بالسمن البلدي !
طبعا الشاب نهض فورا بعد أن ذهب الدب وبدأ بمعاتبة أصدقائه ، وأنا في صغري قفز أحد الديوك أمامي فجأة ومن الرعب والخوف إلى اليوم لا أنام واللمبة مطفية !
طبعا قصة وزارة التربية والتعليم غير منطقية فليس عندنا دببة ولا حتى  غابات  ، وكان يمكن أن تكون القصة أكثر واقعية وتعبر عن الأصدقاء لو كانت على النحو التالي :
كان الرئيس يسير مع وزرائه في بلد فيها فاسدون مفترسون ، فجأة ظهر لهم مطيع كبير فقال الرئيس : ابقوا معا ، نحن نستطيع أن ننتصر عليه مجتمعين ، لكن الوزراء هربوا نحو وزاراتهم وتركوه وحيدا ، احتار الرئيس ، ولم يعرف ماذا يفعل ، كتم أنفاسه وحوّل الملف الى مكافحة الفساد ، شم  مطيع الخبر وظنه جادا  ، فتركه وغادر خارج البلاد .
نزل الوزراء من وزاراتهم وسألوا الرئيس ؟! ماذا فعلت مع  مطيع ؟! فأجاب : الصديق وقت التعديل .. ولن أبقي وزراء جبناء .. وأجرى تعديلا على حكومته واختار الوزراء  من قروب أصدقاء العمر !

مقالات ذات صلة