
الأردن ومواقفه كما يعرضها الملك
فهد الخيطان
حرير- منذ وقت مبكر على الأحداث التي عصفت بمنطقتنا بعد السابع من أكتوبر، يدرك جلالة الملك أن الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق تاريخي، سيفضي في نهاية المطاف إلى تغييرات جوهرية في موازين القوى، وفي القلب من هذه التغيرات مصير قضية الشعب الفلسطيني.
ولأشهر طويلة مضت، انصب دور الملك وجهده على بناء سردية عالمية عنوانها الأساس، أن لا استقرار ولا أمن في الشرق الأوسط والعالم، ما لم تقم الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران.
وقف الحرب على غزة، وإغاثة الأهل المنكوبين هناك هما المهمتان الملحتان حاليا للأردن، والتي نجح الأردن مع أشقائه العرب في جعلها أولوية عالمية.
في حوار مطول مع عدد من الصحفيين أمس، عرض جلالة الملك رؤيته للأحداث في المنطقة ومآلاتها المتوقعة، ودور الأردن القوي في مساراتها.
كان الأردن في قلب النشاط الدبلوماسي الذي أثمر اعترافات متتالية بالدولة الفلسطينية. هذا التحول في النظرة للصراع في المنطقة بالغ الأهمية كما يؤكد الملك. ففي الوقت الوقت الذي يسعى فيه اليمين الصيهوني، إلى استثمار حربه على غزة، لشطب قضية الشعب الفلسطيني، وضم أراضيه في الضفة الغربية وقطاع غزة، تعلن كبريات الدول الأوروبية اعترافها بدولة فلسطين.
الأسبوعان الأخيران، مثلما يراقب الملك، شهدا تحولا كبيرا في المواقف الدولية والشعبية حيال قضية الفلسطينيين والكارثة الإنسانية في غزة.
الأردن يوظف كل طاقاته لاستثمار هذا التحول، لتدشين أكبر حملة دعم إنساني لأهلنا في القطاع، ويقدم كل ما يستطيع، في انتظار دور دول أخرى في العالم، وفي نفس الوقت، يحشد الجهد الدبلوماسي الضاغط على حكومة نتنياهو لوقف الحرب فورا على غزة، والبدء بتطبيق الخطة العربية، لإعادة الأعمار.
والأردن كما أكد جلالته ليس غافلا عما يدور في الضفة الغربية، ومستعد للتعامل مع كل الاحتمالات بما يضمن أمن ومصالح بلادنا. وعلى الصعيد الدبلوماسي نجح الأردن في حشد الدعم للأردن في مواجهة أي خطط إسرائيلية. طيف واسع من الدول الكبرى والمؤثرة في العالم، تدرك أهمية الأردن في الإقليم ودوره الذي لا يمكن الاستغناء عنه. هذ الرصيد الكبير هو نتاج الحضور الملكي الكبير في العالم، والمصداقية التي يتمتع بها الملك عند قادة وزعماء الدولة. بفضل ذلك كله العالم يحترمنا ويثق بدورنا الذي نلناه عن جدارة واستحقاق.
الكارثة الإنسانية في غزة بدأت تغير نظرة العالم تجاه سياسات إسرائيل، وعلى العرب أن يتحركوا للاستفادة من هذه المتغيرات. يشعر الملك بالرضى والثقة بالتعاون العربي في مواجهة هذه التطورات، خاصة مع الأشقاء في السعودية ومصر والإمارات وقطر والبحرين،
سيواصل الملك تحركاته الدبلوماسية في الأسابيع المقبلة، للبناء على المواقف الدولية حيال الحل العادل للقضية الفلسطينية، وكذلك التنسيق لإطلاق خطة دعم إنساني لقطاع غزة المكنوب. يؤمن الملك إيمانا عميقا، أن الشعب الفلسطيني سينال حقوقه المشروعة وتقرير مصيره بالرغم من كل المخططات والمشاريع الإسرائيلية.
حملات التشكيك والإساءة للأردن لن تدفعه أبدا للتراجع عن القيام بواجبه تجاه الأشقاء في غزة، بل ستحفزه على تقديم المزيد إذا كان هذا الدعم يغيظ قوى لا يعنيها صمود الفلسطينيين على أرضهم، والانتصار لكرامتهم وحقهم في الحياة المشرفة.
الأشهر القليلة المقبلة حاسمة كما يرى جلالته، والأردن القوي المتماسك، هو القادر على دعم الأشقاء، وحماية مصالحه، والتأثير بمجرى الأحداث بما يضمن مصالح الأردن والأشقاء في فلسطين.