أحمد مناصرة: خرج الجسد، فمتى تخرج الزنزانة من الروح؟

المخرج السينمائي يحيى بركات

“أنا أحمد العربيّ، قال…
أنا الرصاصُ، البرتقالُ، الذكرياتُ” – محمود درويش

كان في عمر البرتقالة حين اختطفته الزنزانة،
طفلًا بوجه القمر وشهقة المدينة،
اعتقلته دولة الاحتلال بعمر 13 عامًا،
وسجنت فيه الطفولة والتاريخ معًا.

أحمد مناصرة، اسمٌ كتبناه عشر سنين على جدران الذاكرة،
نقشناه على جدران الزنزانة التي “ابتلعته وهو طفل”،
وها هو اليوم يخرج… لا من باب حرية،
بل من نفق طويل من العتمة، والوجع، والتشويه.

تقول منظمة العفو الدولية:
“لا شيء يمكن أن يمحو سنوات الظلم والانتهاكات والصدمة النفسية
والمعاملة السيئة التي تحمّلها خلف القضبان”،
فكيف نقول له: مرحبًا بك يا أحمد؟
كيف نقول له: عد كما كنت،
والطفولة التي خرجت لم تعد،
والعالم الذي كسر قلبه لم يعتذر؟

خضع أحمد لتحقيق عنيف، بلا محامٍ، بلا أب،
بلا حضنٍ، بلا سؤال عن الألم،
وصمد في عزلةٍ امتدت لعامين،
عزلةٌ قاسية أنهكت روحه، لا تحمي أحدًا،
بل تكسر الجميع.

لكن أحمد عاد،
عاد حاملاً جسده المُنهك من الزنازين،
وعيناه تحملان ما لا يُروى.

عاد، وكل الوطن يستقبله،
كما استقبلنا “أحمد العربي” في قصيدة درويش:
ذاك الذي “كان اغترابَ البحر بين رصاصتين”،
“كان الخطوةَ، النجمةَ”،
وكان – ولا يزال – سؤالنا المفتوح:
كيف يبقى هذا العالم على قيد البكاء ولا يتحرك؟

خرج أحمد من السجن،
لكن السجون التي تسكن أرواح آلاف الأطفال الفلسطينيين
ما زالت مفتوحة.

“أنا أحاصركم، أحاصركم” – قال درويش
بصوت كل أحمد،
وكل طفل في فلسطين… يحاصر العالم

مقالات ذات صلة