عن نذير الذي رحل

بلال حسن التل

كأنما قدري ان امضي هذه الايام في رثاء الرجال الرجال من بناة الاردن الذين عرفتهم عن قرب، وعرفت ان كل واحد منهم يشكل خسارة لا تعوض، وانه سيترك فراغا لن يسد في هذه السنوات العجاف.

كان اخر الراحلين حتى الآن الفريق الركن نذير رشيد، الذي كنت قبل أيام قليلة اطمئن عن صحته من رمز الوفاء الفريق المتقاعد عدنان عدنان الجندي، الذي ظل شديد الالتصاق بالمرحوم نذير رشيد حتى الرمق الاخير، برا من عدنان بوالده الذي كان صديقا للراحل نذير رشيد.

ربطتني بالراحل نذير رشيد علاقة خاصة متعددة الجوانب، في المجالين الشخصي الخاص حيث كان دائم التردد على مكتبي، كثيرا مااستضفناه لنحاوره في المركز الاردني للدراسات والمعلومات، ثم في جماعة عمان لحورات المستقبل،فقد كان رحمه الله شديد الإيمان بما تقوم به الجماعة، كما كان متابعا لما اكتب لايتردد في نقد مالايعجبه من بعض مااكتب فقد كان نذير رشيد لابجامل في رأيه و فيما يعتقد انه حق.
كما كان محبا لابني حسن متابعا له. وهكذا امتدت علاقته باسرتي عبر ثلاثة اجيال ابي وانا وابنائي

كما عرفت الراحل نذير رشيد على الصعيد الوظيفي عندما كان هو وزيرا للداخلية وكنت انا مديرا عاما لدائرة المطبوعات والنشر، فكان نعم الداعم والسند والمتعاون، وقد امضيت معه بمكتبه ليلة الانتخابات النيابية عام 1997،نتابع فرر النتائج اول باول، وكنا نزود اجهزة الاعلام بالمعلومات الصحيحة والدقيقة، كذلك اولا بأول. وفي تعاملي معه كوزير داخلية عرفت اكثر شدة مراسه ،وانه لايبال بالاختلاف حتى مع رئيس الوزراء وكان حينها دولة المرحوم الدكتور عبد السلام المجالي، المعروف بسعة صدره وقدرته على التحمل. وقد كان كلاهما يؤمن بان الوزير ليس مجرد موظف علبه التنفيذ فقط، لكن الوزير شريك في رسم السياسات وصناعة القرارات، وهذا كان منطلق نذير رشيد في عمله كوزير. كما كان لايزهو باي منصب تولاه، بل شكل هو اضافة نوعية لكل منصب تولاه و ظلت المناصب تذكر به.

بدأ نذير رشيد حياته المهنية ضابطا في القوات المسلحة الأردنية، وانخرط في تنظيم الضباط الاحرار الذي كان يتطلع الى وطن ناجز الاستقلال وامة حرة موحدة، غير انه تشكل لدى نذير رشيد فيما بعد رايا سلبيا في الضباط الاحرار.

بعد عودته من منفاه على اثر اتهامه بالاشتراك بالمحاولة الانقلابية ضد الملك حسين عين في دائرة المخابرات العامة رئيسا لقسم اسرائيل، قبل ان يتولى قيادة الدائرة في واحدة من اشد مراحل تاريخ الاردن المعاصر خطورة وغيابا لليقين، لولا عصبة قليلة من الرجال الذين امسكوا بجمرة الوطن ونذروا انفسهم لاستعادة هيبة الدولة وحضورها ومنهم نذير رشيد. ومع ذلك فقد اتخذ احدهم قرارا بمنع توزيع مذكرات نذير رشيد في الاردن، فكانت تلك واحدة من اشد اللحظات التي امتزح بها الم نذير رشيد بغضبه الذي لم يهدء حتى الغي القرار فلم يكن نذير لينام على ضيم.
برحيل نذير رشيد نطوي في الاردن صفحة مهمة من صفحات تاريخنا الوطني المعاصر، الذي كان نذير احد صناعه رحمه الله

مقالات ذات صلة