مأزق بايدن

أحمد الحسبان

حرير- هل يلجأ الرئيس الأميركي جو بادين إلى ممارسة ما يكفي من ضغوط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لإجباره على القبول ب”الصفقة” التي قدمتها واشنطن بعلم إسرائيل، وساهمت في إعدادها مصر وقطر ووافقت عليها المقاومة الفلسطينية ممثلة بحركة حماس؟

وهل يمكن لبايدن أن يتجاوز حدود الضغوطات السياسية الشكلية إلى إجراءات عقابية رادعة- تزيد عن تأجيل شحنة سلاح- تدفعه للالتزام بما تفرضه عليه” الكياسة” المطلوبة أمام ولي نعمته الذي أغضب العالم كله بالتزامه بما أسماه” أمن إسرائيل” وتوفير كافة وسائل الدعم السياسي والمالي والعسكري له وتمكينه من أن يكون في مثل هذا المستوى من التمرد على العالم وهيئاته ومنظماته وقوانينه؟.

تساؤلات تفرض نفسها في ضوء ما تعرض له بايدن من حرج تمثل بمحاولات نتنياهو الإفلات من تلك الصفقة التي كان على علم بتفاصيلها، والتي طالما حاول تسويق اتهاماته للمقاومة برفضها. وقدمت إلى العالم كمخرج وحيد وبارقة أمل للخروج من مأزق تلك الحرب التي بدا نتنياهو على درجة عالية من الحرص على استمرارها لأسباب متعددة أبرزها عدم إغضاب أركان التطرف في حكومته ممن يشكل وجودهم فيها ضمانة لبقائها واستمرارها. ومحاولة السير في مخططات وطروحات تلمودية يتبناها ويحلم بتحقيقها.

والحرج تخطى نتنياهو باتجاه كافة الدول المنحازة إلى إسرائيل والتي تعيش حالة من الحرج أمام شعوبها ولا تجد ما ترد به على تساؤلاتهم بشأن المبررات غير المفهومة لذلك الانحياز.

فبمجرد الإعلان عن قبول حماس للمقترحات التي تضمنتها “الصفقة”، عقد نتنياهو اجتماعا هاتفيا لحكومة الحرب، واتخذ قرارا بالسير في إجراءات اجتياح رفح وهي ذات الإجراءات التي أعلن عنها قبل موافقة حماس على المقترحات بساعات.

وتاليا أعلن أنه سيرسل وفدا جديدا للتفاوض على شروط جديدة معتبرا أن ما تضمنته الورقة التي قدمت لحركة حماس ووافقت عليها بعد دعوات أميركية وغيرها لا تتفق مع ما تريده تل أبيب.

ومع أن بايدن الذي كان واقعا تحت ضغوطات شعبية وانتخابية وطلابية وعالمية متحمسا لتلك الصفقة، لم يعلق فورا على موقف نتنياهو، إلا أن كافة التحليلات تؤشر على الحرج الذي وضعه فيه التزامه بإقناع نتنياهو بقبولها.

ومما زاد الحرج عملية الاجتياح التي نفذها الجيش الإسرائيلي بتعليمات من حكومة الحرب وعلى رأسها نتنياهو باتجاه معبر رفح والإعلان عن احتلال الجانب الفلسطيني منه كليا. إضافة إلى استمرار الغارات على مواقع مختلفة وأحياء مدنية في تلك المنطقة ما أدى إلى سقوط شهداء مدنيين.

اللافت هنا، أن نتنياهو لم يتخل في لحظة من اللحظات عن مشروعه المتمثل بـ”اجتياح رفح”، مع أن كافة التحليلات التي بين يديه ترجح خطورة السير في هذا الاتجاه.

السبب في ذلك أن نتيجة الاجتياح فيما إذا أقدم على تنفيذه فعلا، لن تكون مختلفة عن مجريات الحرب التي أصبحت على مشارف شهرها الثامن، دون أن يتحقق لنتنياهو أي من أهدافه المعلنة ومنها تدمير حركة حماس، واسترداد الأسرى بالقوة. والتي حاول مطبخه تعديل مسمياتها والتخفيف منها أملا في الحصول على ما يمكن اعتباره” نصرا صوريا” لتسويقه أمام الشارع وبخاصة اليمين المتطرف الذي لا يقتنع إلا بالقتل والتدمير.

في السياق، وضمن التحليلات المتداولة هناك من يقرأ المشهد من زاوية أن نتنياهو فوجئ بموافقة حركة حماس على الصفقة. وأنه أراد تعطيلها بالإعلان عن إرسال وفد جديد للتفاوض على شروط جديدة، الأمر الذي قد لا يعجب بايدن وفريقه. والذي سيضعه في الحرج الشديد.

فما هي ردة فعله المنتظرة؟

وقبل ذلك هل سيستمر نتنياهو في التمسك بما أعلنه عن “تحفظ” على مضامين الصفقة؟ أم أنها مجرد محاولات لكسب الوقت فقط؟

قد تكشف الساعات المقبلة عن جديد في هذا الملف.

 

 

مقالات ذات صلة