جامعة كولومبيا .. نموذجا للتنوير

محمد عماره العضايله

تعتبر الجامعات في العالم روافع للمجتمعات لأنها تقوم بدور محوري في التطوير الفكري والثقافي والتنويري للمجتمع وترى اليونسكو ان الجامعات لديها ثلاثة أهداف مهمة وهي التدريب والبحث العلمي وخدمة المجتمع ،والجامعات هي صانعة التغيير الإجتماعي والتنموي للمجتمعات ولهذا وضع المؤسسون الامريكيون والغرب جميعا الأوائل الأسس لإنشاء جامعات لأنهم علموا ان اثارها ستكون كبيرة في كل مجالات الحياة وقيادة ولاياتها نحو آفاق المستقبل فكانت نواة ذلك تأسيس أول جامعة وهي جامعة كولومبيا في نيويورك عام ١٧٥٤م انشأها ملك بريطانيا وسماها كلية الملوك حينما كانت اميركا محتلة من قبل بريطانيا انشأها كجامعة بحثية لأنهم خططوا للمستقبل وعرفوا أن الأبحاث العلمية والثقافية والفكرية هي عنوان التطور والقيادة والريادة فكان لهم ذلك وعملت الجامعة على فكرة التنوير التي تسعى المجتمعات إليها فكانت صاحبة التأثير والتغيير وكانت الرائدة في الاستقلال الأميركي عبر ثورة طلابية بعد عشر سنوات من تأسيسهاوذلك عام ١٧٦٣م
استطاعت جامعة كولومبيا ومازالت قادرة على تخريج أفواج عديدة من قادة العالم السياسين ومنهم الرئيس الأميركي اوباما وروز فيلت ومادلين اولبرت وزيرة خارجية اميركا السابقةوالعديد من قادة العالم الذين نهلوا من معينها وعلماء الاقتصاد والكتاب والمثقفين فقد حصل ٨٧ خريجا منها على جائزة نوبل في معظم العلوم ،اما الاقتصاد فمن خريجيها ٥٣ ملياردير عالميا و٣٣ ممن حصلوا على جوائز الأوسكار وغيرها الكثير فهي جامعة بحثية وصانعة القادة والرائدة في جميع المجالات
كانت جامعة كولومبيا الأولى في العالم للثورة
والاحتجاج دعما للشعب الفلسطيني عام ١٩٤٨م كما قادت الجامعة عام ١٩٦٨ الاحتجاج والثورة ضد الحرب في فيتنام وفي عام ١٩٨٥ كانت الرائدة في الحراك ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وهاهي تعود كجامعة تنويرية لقيادة شعلة الحراك الطلابي ضد الابادة في غزة لتشعل شرارتها في معظم الجامعات الاميركية والاوروبية انها جامعة تستحق التقدير والوقوف احتراما لها ولطلبتها.
جامعة كولومبيا تحمل شعلة التحرر لكل شعوب الدنيا لأنها تسير على أسس لاتحيد عنها في حين أصبحت جامعاتنا في عالمينا العربي والإسلامي مدارس كبرى لا لون لها ولا أثر.
فلم يعد لها تأثير في أي مجال من مجالات التطور والا بداع والرؤية الحالية والمستقبلية بل أصبحت ثقلا وعالة على الحكومات والأنظمة فلم تعد قادرة على التطوير والتأثير المجتمعي ولم يعد لها بصمة تغييرية سوى الاحتفال بإعداد الخريجين الذين لا حول لهم ولا قوة فهي لاتحمل رسالة للمجتمع تلتزم فيها وتسهم في تطويرها اوتغييرها إنها جامعات مثقلة بالمظاهر والديون فهي صورة للمجتمعات التي وجدت فيها.
جامعة كولومبيا تثور وتحتج ضد الابادة والقتل في غزة الكرامة وتكون رائدة في تثوير جامعات الدنيا إلا جامعاتنا العربية فهي في سبات عميق فلا يربطها بغزة رابط ولا تعلم ما يدور هناك وما علموا ان غزة بنت قدراتها بعقول أبنائها وايمانهم فكانت وستبقى منارة للعلم والتحرر في العالم فهم من علموا العالم الصبر والتحدي والايمان بالله والتشبث بالأرض .
كم نحن بحاجة لجامعات تنقذ الأمة مما يجري لها رغم انها تتربع على اكبر ثروات العالم وكم نحن بحاجة لقادة يجددوا في توجه ورسالة الجامعات ويعيدوا مسيرتها نحو البحث والتطوير والتنوير والإنسانية كم نحن بحاجة لجامعات تسهم في رفعة وتطوير المجتمع لا عالة عليه وستبقى غزة وفلسطين محفورة في اعماقنا ووجداننا فهي بوصلتنا للتغيير والتقرب لله جل جلاله.
يا ايها المكتوب في
اعماقنا
انت الكتاب وكلنا قراء

مقالات ذات صلة