دعكم من هذا الخطاب

بلال حسن التل

لاتزال نسبة كبيرة من أبناء الأمة يلوكون خطابا مهترئا لا يسمن ولا يغني من جوع، وهو خطاب مبني على انطباعات من جهة، ومن جهة ثانية فانه خطاب تثبيط وتخذيل، وهو من جهة ثالثة خطاب يؤكد سيادة عقلية القطيع التي تحول دون الاحتكام إلى قاعدة (فتبينوا) وهو من جهة رابعة خطاب تبريري يلوذ به البعض لتبرير العجز والتقصير من من يكثرون ترديده.

من ذلك ماسبق وأن أشرنا اليه من استمرار مهاجمة القادة والزعماء واتهامهم بالتخاذل، متناسين قوله عليه السلام (كما تكونوا يولى عليكم).وان النصيحة إجدى وأنفع من الشتيمة كما ابلغنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. والنصيحة تعني اول ماتعني المفاتحة المباشرة.
ومن صور الخطاب التي يجب أن نتركها، هي صورة الإكثار من خطاب اتهام الأمة بالتقصير، متناسين ماشرنا اليه سابقا من ان الأمة هي انا وانت وهي مجموع أفراد الأمة، فلماذا ينسى كل منا نفسه، وينسى اهله و محيطه؟! ، ولماذا لايسأل كل منا نفسه ماذا فعل وماذا يجب أن يفعل لتغير دوره للتأسيس لتغير الواقع، مستذكرين قوله عليه السلام (عليك بخاصة نفسك).
هل يعتقد البعض ان نصرة غزة تكون بشتم الأمة ولومها من على شاشات التواصل الاجتماعي، ومن فوق المنابر، حتى إذا دعا الداعي لنصرة غزة بالتبرع بالمال أو الدم أو غير ذلك من صنوف الدعم المادي، كما تضاءل الجمع، وكثر البحث عن الأعذار للتملص من الدعم المادي. وغالبا مايردد المتملصون أسطوانة مشروخة تقول (كيف ستصل؟) أو (سيسرقونها) وهو حال يتكرر كلما تعرضت الأمة للعدوان. وينسى من يرفضون بهذا الحال ان الله يجازي على النية، وأن المساعدات اوغالبيتها الساحقة ستصل إلى مستحقيها، فلا داعي لخطاب التبرير لتقاعسنا.
وان الخلاص من خطاب التشكيك والتخوين والتخذيل بمقدار ماهو ضرورة، فان ماهو أكثر ضرورة منه ، هي استبداله بالخطاب التعبوي، الذي يستنهض الهمم ويبني على الإيجابيات، وهي كثيرة على ان يبدأ كل منا بنفسه واسرته. خاصة وان معركة طوفان الأقصى وفرت لنا الكثير الكثير من الإيجابيات التي يمكن البناء عليها،
ومن اول هذه الإيجابيات التي يجب البناء عليها هو ان من جملة الحقائق التي اكدتها معركة طوفان الأقصى، حقيقة ضعف العدو الاسرائيلي ووهنه،، وهي حقيقة يجب البناء عليها لتبديد كل الأوهام التي شاعت حول قوة العدو وتفوقه. والإيجابية الأهم ماكشفته المعركة من تعطش الكثيرمن شباب الأمة وصباياها للعمل من أجل استعادة عزها ومجدها وتحرير ارادتها وارضها، بعكس ما كان يشاع عن نسيان هذا الشباب لقضايا امته والانصراف عنها، مما يفرض على الجميع احتضان جيل الشباب بحسن التوجيه والتنشئة على قيم أمتنا.
لكل ما تقدم ولغيره نقول ان معركة طوفان الأقصى فرضت واقعا جديدا  على العالم عموما ، وعلى أمتنا على وجه الخصوص، خاصة من حيث صورتها وعدالة قضيتها المركزية في فلسطين، لدى الكثير من شعوب العالم، وكل هذا يستدعي منا خطابا جديدا يحفز ولا يخذل، ويوحد ولا يفرق، يزرع الأمل ولاينشر اليأس.

مقالات ذات صلة