زيادة المضادات الحيوية للحيوانات تقتل البشر

قرع خبراء وباحثون في مجال الصحة في الدنمارك ناقوس الخطر من تأثير استخدامالمضادات الحيوية في إنتاج اللحوم على صحة الإنسان، مشيرين إلى ارتفاع نسبة استخدام “نيومايسين” ومشتقاته 80 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري.

كما حذروا من أن ضعف مقاومة البكتيريا والالتهابات تهدد حياة البشر من خلال موائدهم وأطباقهم.

ويبدو أن المضاد الحيوي “نيومايسين” الذي يُعطى للحيوانات صار “يهدد صحة الإنسان كونه يجعل البكتيريا أكثر مقاومة للمضادات الحيوية”، وفقا للباحثين الدنماركيين في قطاع الصحة.

وبحسب جمعية “الميكروبيولوجيا السريرية” الدنماركية فإن نسبة استخدام “نيومايسين” بين 2016 و2017 زادت خمسين في المائة، لتصل إلى 6.2 طن تستخدمها مزارع تربية الخنازير، في حين أن النسبة ارتفعت إلى 80 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 2018″.

ويقوم مربو الحيوانات، وخصوصاً الخنازير، بوضع المضادات الحيوية مع العلف لوقف الأمراض والوقاية من الإسهال، أو أية التهابات، لوقف الخسائر المالية.

وترى الجمعية الدنماركية أن “القلق من استخدام نيومايسين بهذه الكثافة يثير فزع الأطباء في المستشفيات، لأنه مضاد حيوي يُعطى للبشر في حالات إنقاذ الحياة من التهابات غير مشخصة وغير معروفة”

ويقول رئيس الجمعية الدنماركية ميكال بيدرسن، للتلفزيون الدنماركي “إن كل من عمل في أقسام الطوارئ (في العيادات والمشافي) يدرك سرعة موت المرضى إذا لم يُباشر فورا بالعلاج، لكن تحويل هذا المضاد الحيوي إلى الاستخدام المكثف سيجعل موت كثيرين ممكنا بسبب مقاومة البكتيريا للمضادات”.

وعلى صعيد انتشار المضادات الحيوية بين الناس، ترى القطاعات الصحية والباحثون في مجال الأدوية “مخاطر وصف الأطباء للمضادات الحيوية بشكل واسع لعلاج التهابات لا تستدعي مضادات، وهذا سيؤدي أيضا إلى جعل البكتيريا مقاومة لها”. وعليه ناشدت السلطات الصحية الأطباء بعدم وصف المضادات الحيوية “طالما أن حياة المرضى والمراجعين ليست في خطر”.

لحوم الحيوانات مشبعة بالمضادات الحيوية(ناصر السهلي)

وتراجعت بالفعل وصفات المضادات الحيوية، وفقا لأرقام وزارة الصحة، لكن الخطر تزايد على المستقبل بانتشار استخدامها على نطاق واسع على الحيوانات. وكون أكبر نسبة إنتاج حيواني في الدنمارك، تصدر إلى ألمانيا ودول آسيوية مختلفة، ما يجعل مخاطر استخدام “نيومايسين” ومشتقاته يتجاوز مواطني الدنمارك.

ويؤكد البروفسور في علم الأحياء الدقيقة بجامعة آرهوس (وسط غرب الدنمارك) سفيند اليمان اريكسن، أن “زيادة الاستخدام الفلاحي للمضادات ستجعل أدوية المشافي على المدى الطويل بلا أثر على المرضى”. ويرى اريكسن أنه “إن لم يحصل المرضى منذ البداية على العلاج الفعال فإن ذلك سيعني نتائج سيئة تنتشر إلى بقية الجسم، ما يؤدي في النهاية إلى الموت وعدم القدرة على العلاج”.

المضار تتخطى المواطن لأن الدنمارك تورد لحومها إلى الخارج(ناصر السهلي)

وأظهر تقرير أوروبي حديث صدر عن “وكالة الأدوية الأوروبية” في لندن أنه يجب “رفع مستوى البحث لدى الباحثين المختصين بمضاد “نيومايسين” ومشتقاته، من أجل ضرورات جدية لمعالجة صحة الإنسان”. ورأى التقرير الأوروبي خطرا من تزايد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، بانتشار استخدامها الحيواني، ما سيجعل تأثيرها العلاجي غير فعال على الإنسان.

ويحذر المختصون في أبحاث الطب في كوبنهاغن “من تسارع واتساع نطاق استخدام المضاد الحيوي على الحيوانات الذي سيصل بالمشافي إلى نقطة تجد نفسها فيها تخرج موتى بدل أناس أصحاء دخلوها للعلاج من التهابات خطرة”، وهو الأمر الذي أكده أيضاً رئيس جمعية علم الأحياء السريرية ميكال بيدرسن.

مقالات ذات صلة