العلاقة المؤجلة بين عمّان والنظام السوري.. ماهر ابو طير

مبكرًا، بدأت التحليلات تنهمر حول العلاقة الاردنية السورية، واذا ما كانت هذه العلاقات سوف يتم انعاشها سريعا، ام ان عودتها ستتعرض الى عرقلة لاعتبارات مختلفة.
الجانب الاحتفالي في التحليلات، واضح، خصوصا، على خلفية الذي جرى في جنوب سوريا، واعتقاد كثيرين، ان الاردن تعرض الى هزيمة كبرى في درعا ومناطقها، وليس من خيار امامه الا مصالحة النظام، والذي يقرأ تعليقات الاشقاء السوريين يجد احيانا مفردات قائمة على التشفي، بالاردن، وكأننا هنا، نريد سقوط سوريا، وتخريبها، وان مخططنا فشل.
أيا كانت التفصيلات هنا، والاتهامات المتبادلة، فما يمكن قوله، اولا، ان الازمة السورية، لم تنته تماما، اذ ان ملف جنوب سوريا، لا يزال مشتعلا بكل تفاصيله، اضافة الى ملف ادلب، وبعض المناطق الاخرى، كما ان ملف الجماعات المتشددة، والدور الايراني وما يقوم به حزب الله،
لا يزال امرا يثير حساسيات كثيرة، ولا يمكن هنا، ان ننكر ان هناك ملفات تتعلق بالداخل السوري، اكثر ثقلا ووطأة من العلاقات مع الاردن، ابرزها ملف السوريين الذين غادروا بالملايين الى الاردن ودول اخرى، وامكانات مصالحة النظام للسوريين، اولا، قبل ان نخوض في مصالحات النظام، مع دول الجوار.
من جهة الاردن، على الاغلب فإن ملف العلاقات الاردنية السورية، قد يخضع لتحسينات محدودة على الصعيد الفني واللوجستي، بين بعض المؤسسات ذات الصلة بمحاربة الارهاب، او الحدود، او الامن، لكنه على المستوى السياسي، ليس قرارا اردنيا، بقدر كونه قرارا اقليميا ودوليا، يتعلق بجملة ظروف مختلفة، تتداخل فيها القوى، والاتجاهات، والمشاريع ايضا.
هذا يعني ان الاحتفالية، او الاستعجال بالحديث عن شكل العلاقة الاردنية السورية، امر غير مناسب، خصوصا، في ظل عدم الحديث عن التسوية السورية الداخلية، والتسوية السورية الاقليمية، التي تشارك بها اطراف اخرى، والتسوية الدولية التي تتعلق بذات الملف، وهذا يعني بكل وضوح، ان القرار باستعادة العلاقات مع دمشق الرسمية، ليس قرارا محليا، مثلما يظن كثيرون، وهذا امر قد يبدو انه ينتقص من القرار السياسي في الاردن، لكنه امر يتطابق ايضا مع واقع القرار السياسي في دمشق، الذي يرتبط ايضا، بمعسكر كبير ومتكامل، فيه الروس والايرانيون، وجهات أخرى.
الخلاصة هنا، إن ما نراه في سوريا، وكما هو معروف، ليس ازمة محلية داخلية، وليست ازمة سوء جوار بين الاردن وسوريا، بل ازمة عالمية، تشارك بها عشرات الاطراف، وبدون الوصول الى تسوية على مستوى حساس ومرتفع بين هذه الدول التي يمكن وصفها بالراعية للأزمة السورية، لا يمكن حدوث تسويات اقل مستوى، على صعيد علاقات دمشق مع دول الجوار، أو أي دول عربية أو أجنبية.

مقالات ذات صلة