خاتم أم العروس! … صالح عبدالكريم عربيات

في الأردن، أوّل خطوة يقوم بها الخاطب قبل حتى أن يأخذ رقم خلوي العروس، ويرسل لها طلب صداقة على الفيسبوك، هي شراء خاتم ذهب لحماته حتى يكسب ودها ويعكس أنه كريم وأنها مثل والدته.

طبعا الحماة تحلف مليون يمين أنها لن تأخذ الخاتم، بينما العريس ووالدته يرفضان مغادرة محل الذهب الا بعد أن تختار خاتما، فهما على يقين إن لم يشتريا لها ستطين عيشة العريس، والعروس، والضيوف، وحلف شمال الأطلسي، ومنظمات حقوق الإنسان، من أوّل يوم ولن يكون هناك على الأقل هدنة.

بعد إلحاح العروس على أمها، توافق على اختيار خاتم رخيص الثمن حتى توفر على العريس، فينبري العريس ويرفض اختيارها ومن ثم يختار لها خاتما بحجم رأس ترامب، لعل وعسى في مقبل الأيام أن تتركه في حاله!

العجيب أن لا أحد منّا يتذكر والد العروس ببدلة أو قميص أو حتى جوز جربان، مع أن مساهماته في تربية العروس لا تقل عن مساهمات والدتها؛ حيث لم أسمع في حياتي أن أهدى عريس حماه حتى لو جزدان من عند كل شيء بدينار عند الخطوبة!

تجاهل والد العروس يعود لأنه لا يعادي العريس عادة ولا يكيد له كيدا، بل يعامله بلطف ويعتبره مثل أبنائه، لذلك إن أحضرت له هدية أو لم تحضر فهو مضمون الجانب وفي الجيبة، لذلك نكتفي بالله يمسيك بالخير يا عمي أو شلون صحتك يا عمي؟!

على كل حال، عادة لا يستمر مفعول الخاتم الذي اشتراه العريس لحماته لأكثر من شهر، في هذا الشهر تطبخ له ما يحب، وتوافق على أن يخرج مع ابنتها وحدهما، وفي الجلسات العائلية تمتدح كرمه وطيبة قلبه وأنه مثل أبنائها.

بعد الشهر تعود لطبيعتها، فإذا ما رغب العريس بأن يتعشى صنعت له مقلى بيض مع أنها سابقا كانت تطبخ له منسفا، وحين يطلب موافقتها على خروجهما تقول: رجلي على رجلكم، وفي الجلسات العائلية تبدأ بالتلميح على حظ ابنتها الأسود مع هذا العريس!

العريس طبعا لا يستطيع أن يهديها كل شهر خاتم ذهب حتى يجدد الهدنة معها، فشراء ثلاجة لمنزله أولى بكثير من كسب ود حماته، لذلك تستمر العلاقة بينهما بعد ذلك بالمناكفة، خصوصا أنه لم يعد حتى يحضر لها بطيخة عند زيارتهم!

رئيس الوزراء في بلدنا عندما يعين وحتى يعكس أنه حريص على المال العام وأنه سينقذ البلد، يقرر وقف شراء الأثاث والسيارات، والحد من سفر الوفود الرسمية، وتخصيص سيارة واحدة لكل وزير.

طبعا تلك الإجراءات التي اتخذها الرئيس عند تعيينه تشبه الخاتم الذي اشتراه العريس لحماته عند الخطوبة، فهي فقط لكسب ود الشعب، وحتى يضمن أن يتركه الشعب في حاله، وحتى يتحدث عنه الإعلام أنه حريص على المال العام.

طبعا تعامل الرئيس مع مجلس النواب أيضا يشبه تماما تعامل العريس مع والد العروس، فهو لا يعلمهم حتى باسم وزير البيئة عند تشكيل الحكومة لأنهم في الجيبة!

بعد شهر من تعيين الرئيس، عادة لا يتخذ أي إجراءات جديدة، ولا يقدم أي فاسد للمحاكمة، والقرار الوحيد الذي يتخذه وقد يسعد الشعب هو إعلان عطلة عيد الأضحى المبارك.

فنعود بعد الشهر، للحديث عن زيادة العجز والمديونية وحظنا الأسود. فهل يختلف هذا العريس أقصد الرئيس الجديد؟!

مقالات ذات صلة