العمى العالمي… بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية

يوسف القدرة - شاعر فلسطيني يقيم في خان يونس

العمى العالمي… بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية
https://www.alfaisalmag.com/?p=987518890
في لحظة معينة من رواية «العمى»، يبدأ الناس بالتقاتل على الموارد، حيث تصبح الحياة نفسها صراعًا في حد ذاتها. يفقدون قدرتهم على التواصل الإنساني وتتحول أفعالهم إلى محاولات بدائية للبقاء على قيد الحياة. هذه الفوضى تُمثّل بدقة واقع الحياة اليومية في غزة، حيث يتكيف الناس مع حالة الحرب المستمرة ويحاولون البقاء وسط الدمار.
لكن ما يميز غزة ليس مجرد البقاء البدائي، بل هو محاولة إعادة بناء إنسانية مفقودة وسط هذه الظروف الصعبة. في كل مرة تُهدم فيها المنازل ويعاد بناؤها، وفي كل مرة تُزرع فيها بذور جديدة حول المخيمات على الرغم من الخراب، نجد تمسكًا قويًّا بالحياة والكرامة. هذا التمسك بالإنسانية على الرغم من الفوضى يشبه بشكل ما قدرة الشخصيات في «العمى» على البحث عن طريق للخروج من محنتهم، رغم أنهم فاقدو البصر ويعيشون في ظلام كامل.
يمكن النظر إلى غزة بوصفها مرآة تعكس العمى الذي أصاب ضمير العالم، لكنها في الوقت ذاته تظل بؤرة للنور، حيث الصمود والمقاومة هما الوجه الآخر للأمل. تمامًا كما في رواية «العمى»، الاستفاقة ممكنة، لكن يجب على العالم أن يفتح عينيه أولًا؛ ليرى معاناة غزة ويرى الإنسانية التي لا تزال تزهر وسط الحرب.

#مجلة_الفيصل #مقالات #فلسطين #غزة #رواية_العمى #ساراماغو #جوزيه_ساراماغو

مقالات ذات صلة