مهزلة السادس من حزيران .. مصطفى جبر الكسواني … شيكاغو

كنت في الزرقاء.. في السنة العاشرة من عمري.. سمعنا بالحرب بل وشاهدنا بعض الطائرات الحربية على مستوى منخفض…
ولكن أكثر ما أذكر بل ولا زال في مخيلتي .. صوت مذيع في الإذاعة اﻷردنية يقول وهو يجهش بالبكاء وبصوت مرتفع…
إذاعة المملكة اﻷردنية الهاشمية من عمان…
بكاء ﻻ زلت أسمعه لهذه اللحظات في مخيلتي السمعية…
ثم نسمع صوتا قويا وبجرأة ورباطة جأش يقول …
هنا عمان…
وتتكرر اﻷصوات بين بكاء ورباطة جأش وأنا لم أدرك سبب البكاء..
ولكنني وبعد فترة من الزمن أدركت أن المذيع لم يكن بكاؤه ﻷنها الحرب وربما الشهداء والجرحى واﻷسرى…
أدركت بعد حين بأنه أسقط كلمة …
والقدس
من إسم الإذاعة.. أجل إنني ﻻ زلت أذكر ذلك الإسم الجميل للإذاعة…
إذاعة المملكة اﻷردنية الهاشمية من عمان والقدس…
عاد الجنود إلى معسكراتهم تاركين القدس أسبرة معتقدين أنهم عادوا أحرارا دون أن يأسرهم العدو.
وتسقط القدس حزينة…
ويسقط الجنود من مراكز الكرامة.
أسقط المذيع اسم القدس
وأسقط الجندي معنى شرف العسكرية.
عادوا أحياء ويا ليتهم ما عادوا.
ليتهم كانوا مثل عبد القادر الحسيني.. لذكرناهم بخير…
أسقط المذيع اسم القدس لتتلقفها قلوبنا..
قال المذيع اﻵخر
هنا عمان.
وأسقط القدس…
قالت قلوبنا
يسقط العربان
وفي القلب أنت
يا قدس.

مقالات ذات صلة