جنوب سورية: الهجوم مستبعد…فهد الخيطان

تقلل أوساط رسمية أردنية وأخرى أجنبية في عمان، من احتمال هجوم وشيك للجيش السوري على منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري.
على تخوم محافظة درعا وجوارها، كانت هناك بالفعل تحركات ملحوظة لقطاعات عسكرية سورية، رافقها إلقاء طائرات سورية لمناشير تدعو المسلحين في تلك المناطق لتسليم سلاحهم وعدم مقاومة القوات السورية. لكن بخلاف ذلك لم يسجل مركز مراقبة وقف إطلاق النار في عمان أي خروقات من الجانب السوري. كما قلل متحدثون باسم فصائل مسلحة في الجنوب من خطورة الوضع في الجنوب، واستبعدوا وقوع هجوم عسكري في وقت قريب.
الجانب الرسمي الأردني لا يرجح أيضا مثل هذا التطور، وفي اتصالاته مع الجانب الروسي، يتلقى باستمرار التأكيدات على احترام موسكو اتفاق وقف التصعيد الموقع قبل أشهر في عمان مع الجانبين الأردني والأميركي.
مصدر روسي قال لكاتب المقال، إن من المستبعد تماما أن يشن الجيش السوري هجوما على درعا والمناطق المشمولة بوقف التصعيد.
ويعتقد على نطاق واسع أن الجيش السوري منشغل بأولويات أخرى على عدد من الجبهات، ويحتاج لفترة من الوقت لتنظيم صفوفه قبل خوض معركة جديدة بعد المعارك الشرسة التي خاضها في الغوطة الشرقية ومحيط دمشق وحمص.
القناعة السائدة في أوساط أردنية مفادها أن حسم مستقبل الجنوب السوري لا يتطلب خوض معركة عسكرية. تصريحات الجانب الرسمي السوري قريبة إلى حد كبير من هذا التقدير.
من الناحية العسكرية، لا يشكل الجنوب السوري مصدرا لتهديد الجيش السوري أو دمشق، فالهدوء يعم مناطقه، والجماعات المسلحة ملتزمة تماما بعدم الاحتكاك مع الجيش السوري.
وعلى المستوى، تشهد مناطق الجنوب نشاطا مكثفا لإتمام المصالحة بين القوى والجماعات النافذة من جهة والحكومة السورية من جهة أخرى. وتسجل هذه الجهود نجاحا ملموسا رغم بعض الإخفاقات.
الواضح للمراقبين حاليا، أن الأردن يدعم هذه المصالحات، ويعتقد أنها تساعد، على المديين المتوسط والبعيد، على ترسيخ الاستقرار في المناطق المحاذية لحدوده، بما يسهل عودة الجنوب السوري إلى سيطرة الدولة، من دون الحاجة لخوض معارك يخشى الأردن من تداعياتها على أمنه الداخلي، مثلما يخشى من موجات لجوء جديدة لم يعد بمقدوره تحملها تحت كل الظروف.
قلق الأردن يتجاوز ذلك؛ إذ يتحسب من تدخل إسرائيلي في حال استعانت القوات السورية بميليشيات محسوبة على إيران. تحذير واشنطن أمس من عملية عسكرية في الجنوب لم يأت من فراغ، ويصب في خانة التهديدات الإسرائيلية، ناهيك عن موقف إدارة ترامب ذاتها من نفوذ إيران في سورية، وإصرارها على تحجيم هذا النفوذ بكل الوسائل المتاحة.
موسكو أخذت علما بكل هذه المحاذير، وتتعامل معها بجدية كبيرة، والمرجح أنها تضعها في الاعتبار في كل مناقشاتها مع الجانب السوري.
المعطيات السياسية والعسكرية كافة في هذا الوقت، تفيد بأن فرص شن عمل عسكري في الجنوب السوري غير واردة أبدا، وأن الباب بات مفتوحا أكثر من أي وقت مضى لتسويات سياسية، تجنب جميع الأطراف دفع أي كلف عسكرية وبشرية. لكن واستنادا لتجارب سابقة مع الأزمة السورية، لا يمكن إهمال الانعطافات المفاجئة.

مقالات ذات صلة