عيون مكحولة في رمضان _ اليمن
في الجامع الكبير الواقع في مدينة صنعاء القديمة، راح ذلك الرجل السبعينيّ يكحّل عينَيّ الفتى الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره. الصغير يشعر ببعض الألم، لكنّه يحاول قدر المستطاع كبت ذلك الشعور. لا بدّ من أن يكحّل عينَيه أسوة بكلّ الرجال والفتيان – بعضهم يصغره سنّاً – الذين يفعلون. إلى ذلك، هو انتظر دوره لأكثر من ساعتَين، ولن يتراجع الآن.
ويُقبل اليمنيّون على تكحيل عيونهم خلال شهر رمضان الفضيل، في واحدة من العادات القديمة التي توارثوها أبّاً عن جدّ. فيتولّى رجال متقدّمون في السنّ المهمّة، مستخدمين كحل الإثمد، وهو واحد من أنواع الكحل الطبيعي. ويعيد كثيرون رغبتهم في تكحيل عيونهم إلى أنّ النبيّ محمد استخدم كحل الإثمد وأوصى به. ويُقال إنّ لهذا النوع من الكحل فوائد عدّة، لا سيّما علاجيّة بالنسبة إلى المتقدّمين في السنّ.
وكانت شعوب قديمة عدّة قد عرفت كحل الإثمد، لا سيّما في مجال التجميل. إلى ذلك، أشارت معتقدات البعض إلى أنّه يحمي من العين الشريرة، لذا كان كثيرون يلجؤون إلى تكحيل عيون حديثي الولادة لردع الحسد عنها. من جهتهم، لطالما اعتمد البدو ذلك الكحل، وقد رأوا أنّه يحمي عيونهم من أشعّة الشمس القويّة في الصحاري.