
الطريقة الأسهل لنزع سلاح غزة
محمد عايش
حرير- ثمة طريقة أفضل وأسهل وأكثر فعالية لنزع سلاح حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية في غزة، وجعل هذه المنطقة آمنة لكل سكانها، وهذه الطريقة هي إنهاء الاحتلال، وترك الفلسطينيين يؤسسون دولة مستقلة ومنطقية وطبيعية وقابلة للحياة، وعندها فقط تنتفي الحاجة لهذا السلاح، بل ستختفي بالضرورة حركة حماس ومن معها من فصائل مسلحة أخرى.
وهناك فرصة ليس فقط لنزع السلاح من غزة، وإنما أيضاً لتحقيق مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بجعل غزة “ريفيرا الشرق الأوسط” وتحويلها إلى وجهة سياحية، ومنطقة خلابة وساحرة؛ إذ من الممكن أن يتحقق ذلك بسهولة لو قرر العالم إجبار إسرائيل على الانسحاب من غزة، وإنهاء الاحتلال والحصار بشكل كامل، وليس العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ في ذلك التاريخ كانت غزة قد أمضت 16 عاماً وهي تحت الحصار الكامل والمطبق، وكان الإسرائيليون لا يسمحون بدخول أكثر من 600 شاحنة يومياً إلى مليوني إنسان محاصرين في داخل القطاع.
يستطيع الفلسطينيون إعادة بناء غزة وتحويلها إلى واحة خضراء مطلة على البحر الأبيض المتوسط، تضاهي أجمل الوجهات السياحية في العالم، ولكنَّ ما يحول دون ذلك هو وجود الاحتلال، وعرقلة هذا الاحتلال لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وكذلك تجاهل الاحتلال، لكل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، اللذين يطالبانه بوقف العدوان على البشر والحجر والشجر والأرض. الحراك الدولي الراهن يُريد إعادة هيكلة الاحتلال في غزة، وقوننته بشكل جديد عبر ما يُسمى “قوات دولية”، وهي حالة مشابهة، بل مطابقة تماماً لمشاريع الاستعمار والانتداب التي شهدتها منطقتنا العربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، خلال النصف الأول من القرن الماضي، وهي مشاريع قاومتها شعوب المنطقة، بمن فيهم الفلسطينيون، هذه المشاريع تعاملت معها هذه الشعوب على أنها احتلال مباشر، لم يكن يُحقق مصالحهم ولا طموحاتهم. المشروع الأمريكي والدولي، الذي يجري تداوله بشأن غزة، والذي هو مشروع لإعادة احتلالها وتجريدها من السلاح، لا يُمكن أن يُكتب له النجاح، لأن الفلسطينيين – عموم الفلسطينيين وليس فقط الفصائل- سوف ينظرون له على أنه احتلال جديد وليس مشروعا لإحلال السلام، وهذا سوف يزيد من تمسكهم بسلاحهم، بدل أن يدفعهم للتخلي عنه.
المشكلة الحقيقية اليوم هي، أن العالم يريد التعامل مع قضية فلسطين بالقطعة، أو بالتجزئة، وهذا لا يُمكن أن يؤدي إلى حل جذري لهذا الصراع، فما يُفكر به العالم اليوم، ومعه إسرائيل والدول العربية، هو غزة فقط، وسلاح حماس فقط، وربما يُفكرون لاحقاً بمعبر رفح وعدد الشاحنات التي يتم إدخالها يومياً، وبعد ذلك سيُفكرون بإعادة الإعمار وكم منزل يحتاج الفلسطينيون، وكم آلية ثقيلة، إلخ، والحقيقة أن كل هذه الملفات هي مجرد مظاهر وإفرازات لمشكلة واحدة فقط يتوجب حلها، وهي: وجود الاحتلال. على الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين والعالم، أن يقتنعوا جميعاً بأن مشروع “أوسلو” قد انتهى إلى الفشل، فلا استطاع هذا المشروع إقامة دولة للفلسطينيين، ولا استطاع حفظ الأمن للإسرائيليين، وعليه فليس مطلوباً اليوم حل مشكلة غزة، وإنما المطلوب هو إيجاد مشروع سياسي متكامل لإنهاء الاحتلال وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وهذه الدولة هي الجهة الوحيدة المؤهلة والقادرة على نزع السلاح من غزة، وإنهاء مشكلتها بشكل كامل.
المشروع السياسي المطلوب، يجب أن لا يقتصر على غزة، ويجب أن يشارك به الجميع بما في ذلك، منظمة التحرير وحركة فتح والقوى المختلفة، ويجب أن لا يجتزئ قضية فلسطين ويختصرها في سلاح حركة حماس، أو في حصار غزة، أو في عدد الشاحنات التي ستدخل، أو إعادة الإعمار، أو غير ذلك، إنما هو مشروع يجب أن يُعيد الأمل للشعب الفلسطيني ببناء دولته المستقلة، وأي مشروع لا يقوم بذلك فليس له مصير سوى الفشل.



