
ندوة في معرض عمّان الدولي للكتاب تسلط الضوء على الجذور الحضارية العميقة لسلطنة عُمان
حرير – سلطت ندوة عقدت يوم الجمعة ضمن البرنامج الثقافي سلطنة عُمان ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب 2025، الضوء على الجذور الحضارية العميقة لسلطنة عُمان، وإسهامها البارز في مسيرة الحضارة الإنسانية قدمها الباحث والمفكر العُماني سيف المسكري.
وقال خلال الندوة التي حملت عنوان ” عُمان عبر العصور: تاريخ الحضارة والتواصل”، وحسن المطروشي، من وزارة الثقافة والرياضة والشباب بسلطنة عُمان، إن عُمان عُرفت منذ 5000 عام، وأن المهتمين يمكنهم استكشاف تاريخها في سجلات ملوك سومر وأكاد، وأسفار العهد القديم، والنقوش اليمنية القديمة، والكتابات الكلاسيكية، وقد عُرفت تاريخياً بأسماء مثل: ماجان، كادي، ومزون.
تناول المسكري إسهامات عُمان في مجالات متعددة، أبرزها، الإنتاج الفكري حيث قدمت عُمان رموزاً خالدة مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي، واضع علم العروض وصاحب معجم “العين”، والفقيه جابر بن زيد الأزدي.
كما أشار إلى مدونات ضخمة مثل قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة” لجميل بن خميس السعدي، والذي قارب 91 مجلداً.
كما أشار إلى أن عُمان عُرفت بالتعدين وتجارة العبور والتصدير، وتميزت منشآتها الزراعية بنظام الأفلاج (القنوات) العريق والصامد.
أكد المسكري أن للملاحة البحرية فرادتها وتميزها في التاريخ العماني، واستشهد بنقش سرجون الأكادي (القرن الثالث قبل الميلاد) الذي أشار إلى رسو سفن ماجان في ميناء أكاد.
كما ذكر أن نص التطواف حول البحر الإريتري (القرن الأول الميلادي) وصف سواحل عُمان تحت اسم عُمانا (التي يُرجح أنها صحار)، وذكر أن أرض مزون كانت غنية بالنحاس والخيول وتصدر اللبان.
كما نوه الباحث بأن العمانيين في العصر الإسلامي أجادوا استخدام الرياح الموسمية وبنوا سفناً كبيرة مثل الداو(سفن تقليدية).
ووصف الجغرافيون، مثل الاستطخري، عُمان بأن أهلها ملاحون تجار يركبون البحر إلى الصين والسند، وازدهرت موانئها مثل صحار التي وُصفت بأنها أعظم مدن العرب على البحر.
وتوقف المسكري عند الملاح العماني الأشهر أحمد بن ماجد (القرن الخامس عشر الميلادي)، الملقب ب”أسد البحار”، والذي ترك تراثاً علمياً ضخماً مثل كتاب “الفوائد في أصول علم البحر والقواعد”.
كما أشار إلى أن البرتغاليين اقتبسوا نظام “كارتاز” أي التصريح، من الكلمة العربية “القرطاس”.
استعرض المسكري عهد دولة اليعاربة (1624–1749) الذين أزالوا الاحتلال البرتغالي، مشيرا إلى أن دولة اليعاربة لعبت دوراً في “إحداث التمازج” بين مقدرات الداخل والساحل العماني، ونجحت في بناء قوة بحرية اعتمدت في بدايتها على أسر السفن البرتغالية واقتباس التقنيات الأوروبية.
كما وصف دولة البوسعيديين بأنها دولة بحرية تجارية، إن لم تكن إمبراطورية تجارية. وقد بلغ الأسطول العماني ذروة قوته في عهد سعيد بن سلطان (1804–1856)، حيث امتدت ممتلكات الدولة بين بندر عباس وزنجبار.
وذكر أن سفينته الشهيرة “سلطانة” رست في نيويورك عام 1840، وكانت عُمان بذلك ثاني دولة عربية تقيم علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان المطروشي قد استهل الندوة مؤكداً أن عُمان هي بلد حضاري “ضارب في القدم”، أنجبت القادة والمفكرين والأدباء والشعراء، وأن الشعر يمر عبر البوابة العمانية لأن العروض تأسس على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي، إمام اللغة الذي يعد من الرموز العمانية في الحضارة العربية.
وفي ختام الندوة، قدم المطروشي الشكر لجميع المشاركين، واتحاد الناشرين الأردنيين، وتم تكريم المشاركين في الندوة بدرع معرض عمان الدولي للكتاب.