إسرائيل لم تعد تعترف بأي دولة عربية

محمد عايش

حرير- تصريحات الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش عن السلطة الفلسطينية وضرورة القضاء عليها، هي دليل جديد على أن المشروع الإسرائيلي اليميني لن يتوقف عند محو قطاع غزة، وإنما سيمتد إلى الضفة الغربية وعدة دول عربية، وأغلب الظن، أن قادة الاحتلال يضعون نصب أعينهم مشروع «إسرائيل الكبرى» الذي عبَّر عنه صراحة وعلانية بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.

الوزير سموتريتش قال حرفياً، إن «السلطة الفلسطينية يجب أن تختفي من الخريطة، وأن تصبح القرى التي جاء منها الإرهابيون مثل رفح وبيت حانون»، أي أنه لا يريد فقط القضاء على السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، وإنما أيضاً يريد مسح القرى والبلدات والمدن الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية، على غرار ما يجري الآن ومنذ أكثر من عامين في قطاع غزة.

تصريحات سموتريتش ليست مفاجئة، فهو نفسه الذي قال قبل أيام إن الضفة الشرقية (أي المملكة الأردنية الهاشمية) هي جزء من أرض إسرائيل، لكنه قال حينها إن الأولوية حالياً للضفة الغربية، كما أن نتنياهو نفسه أشار مؤخراً إلى «أرض جلعاد» وهي أراضي شمال الأردن، التي يعتقد الإسرائيليون أنها لهم، وأن عليهم استردادها. وقبل ذلك تحدث نتنياهو عن «إسرائيل الكبرى»، التي تعني التهام أراضٍ من ثماني دول عربية، بما في ذلك الأردن ولبنان بشكل كامل! والحديث عن مشروع «إسرائيل الكبرى»، الذي يقوم على التهام ثماني دول عربية ليس حديثاً، ولا علاقة له بالحرب الراهنة على غزة، كما ليس له علاقة بكل تأكيد بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما بعدها، وإنما هو يعود لعدة عقود ماضية، وهو أحد المشاريع التي يقوم اليمين الإسرائيلي بالترويج لها يومياً؛ فقد طرحه حزب «الليكود» منذ وصوله إلى السلطة بزعامة مناحيم بيغن في عام 1977، وحوّله إلى برنامج سياسي بُني على أفكار ولدت قبل ذلك بكثير. ولمن لا يعرف، أو لا يتابع الحدث الفلسطيني، فإن إسرائيل تقوم منذ عقود وليس سنوات بتنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى»، ولكنها تتبع في ذلك سياسة «الخطوة خطوة»، فوفقاً لهذا المشروع أعادت إسرائيل تسمية الضفة الغربية لتصبح «يهودا والسامرة»، ولاحقاً قامت بالسيطرة على مدينة القدس وتوسعتها، وفي عام 1982 قامت بضم الجولان السوري المحتل، وفي عام 2018 اتخذت قراراً بضم غور الأردن، لتقترب أكثر فأكثر من الضفة الشرقية، التي هي المملكة الأردنية الهاشمية، والآن تتبنى إسرائيل سياسة تدمير الضفة والقطاع وتهجر سكانهما، تمهيداً لضمهما وتهويدهما بشكل كامل.

وبالعودة إلى موضوع السلطة الفلسطينية ففي عام 2002 انتهكت إسرائيل اتفاق أوسلو، وكل الاتفاقات الأخرى، عندما اجتاحت المدن الفلسطينية كافة، ضمن عملية «السور الواقي»، وقامت باجتياح المناطق (أ) التي كان من المفترض أنها مناطق فلسطينية خالصة، يُحظر على الإسرائيليين دخولها، ثم حاصرت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقره في رام الله، وظل هناك حتى اغتيل بالسم الإسرائيلي. ما يحدث هو أن اسرائيل لم تعد تلتزم بأي اتفاق مع أي جهة كانت، لا مع منظمة التحرير، ولا مع الدول العربية، فقد اجتازت خطوط الهدنة المتفق عليها مع سوريا منذ عام 1974، وانتهكت اتفاق الهدنة الذي ترعاه الأمم المتحدة في لبنان، وتجاهلت وتتجاهل الاتفاقات كافة، الموقعة مع منظمة التحرير، ولم تعد تعترف أصلاً بوجود السلطة الفلسطينية ولا بشرعيتها، أما معاهدة السلام الموقعة مع الأردن فتنتهك إسرائيل بنودها المتعلقة بالقدس المحتلة والوصاية الأردنية على المسجد الأقصى، كما تنتهك البنود الخاصة بملفات الحل النهائي، وعلى رأسها قضية اللاجئين.

إسرائيل لم تعد تعترف بأية دولة عربية، ولا تلتزم بأي اتفاق دولي، وتصريحاتُ قادتها واضحة بأنَّ الحرب على قطاع غزة، ليست سوى الحلقة الأولى من هذه المعركة، وأن الضفة الغربية وغيرها سيتبعون لاحقاً، وكلُ هذا لا علاقة له بأحداث السابع من أكتوبر، وإنما هو أبعد من ذلك بكثير، حيث إنه مخطط يعود عمره لسنوات طويلة مضت.

مقالات ذات صلة