إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ

خالد دلال

حرير- إنه قول شاعر الخضراء، الشابي، ولعل خير شعوب الأرض تجسيدا لذلك عبر التاريخ هو الشعب الفلسطيني، الذي أضحت قضيته العادلة قضية أحرار العالم، من مشرق الأرض إلى مغربها.

ها هي الاعترافات الدولية تنهمر، نصرة للحق التاريخي في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وأهمها الاعتراف البريطاني – الفرنسي مؤخرا، ليقلب كل ذلك الطاولة على رأس مجرم العصر، وزعيم عصابة القتلة في تل أبيب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن يدور في فلكه الإجرامي.

نعم، لقد باتت القضية الفلسطينية، بفعل نضال شعبها الصابر المرابط تاريخيا قبلة التعاطف والتضامن الإنساني، حكومات وأفراد، وأصبح مطلب قيام دولته المستقلة هدف أصحاب الضمير الحي في مختلف بقاع العالم، بعد ما شهدته أعينهم وسمعته أذانهم من هولوكوست صهيوني دموي بشع بحق الشعب الفلسطيني في غزة العزة.

إنه طوفان الإدراك الإنساني لحق شعب في أرضه، ولن يستطيع نتنياهو، ولا من يقف خلفه، إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. فها هي شعوب الأرض تنتفض ليترجم الأمر طوفانا دبلوماسيا من الاعترافات الدولية بالوطن الفلسطيني، ليضع كل ذلك نهاية للنظرية الصهيونية المستهدفة شطب الهوية الفلسطينية.

أهمية الاعترافات الدولية أنها تأتي من دول وازنة وحليفة تاريخيا لإسرائيل، وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، ما يؤسس لأرضية سياسية وقانونية لولادة الدولة الفلسطينية مستقبلا، وسيتأتى كل ذلك عبر إدامة الزخم وصولا إلى قيام الولايات المتحدة، حامي الحمى لإسرائيل، وكل دول العالم بخطوات مماثلة، وإجبار زمرة تل أبيب على قبول حل الدولتين، ووقتها لن يستطيع نتنياهو، ولا قتلة الأطفال من حوله، من الوقوف في وجه عالم متحد لإحقاق الحق الفلسطيني.

صحيح أن الاعترافات الدولية هي خطوة رمزية أكثر منها عملية، لكن أهميتها القصوى تكمن في إفشال مخطط نتنياهو الصهيوني لتزييف الحقائق ومحو الوجود الفلسطيني، وطنا وشعبا وتاريخا، من خارطة العالم مع تقادم الأجيال، وهذا أمر يتصدر الأولويات، خصوصا من باب إدامة الواقع الفلسطيني على رادارات حكومات العالم، وفي عقول وقلوب شعوبها حقيقة لا يمكن لأحد حذفها من الإدراك البشري الجمعي.

على العرب البناء على ما تقدم، وألا يدخروا جهدا في العمل يدا واحدة، في مختلف المحافل، وعلى جميع الصعد السياسية والدبلوماسية والقانونية وغيرها، وصولا إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة.

وحتى ذلك الوقت، سيبقى الشعب الفلسطيني شوكة في حلق الصهاينة، وستبقى القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين الأولى، مهما تشتتت الاهتمامات وغابت الأولويات وتسارعت الأحداث، وستبقى فلسطين من يجمع شمل الأمة على قلب رجل واحد، وسيبقى قول الشابي: “إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ … فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ” قدرنا جميعا. فما ضاع حق وراءه مطالب، وإن غداً لناظره قريب.

مقالات ذات صلة