
لماذا غاب الاعلام عن تغطية الموقف الشعبي من مشروع قانونـالجرائم الالكترونية؟
كتب باسل العكور
الصحافة ليست مسلسلا مكسيكيا يمكننا ان نشاهد بعض حلقاته ونقفز عن البقية ، ليست كتابا نقرأ بعض فقراته و نهمل باقي النصوص ، نجتزء ما نشاء و ننتقي ما نريد دون مراعاة الصورة الكاملة او الحقيقة بكل تجلياتها ، فأما ان نحيط بكل ابعاد التغطية والخبر ونراعي جميع المبادئ او اننا لا نشتغل صحافة . هذه قاعدة يعرفها كل عامل في وسائل اعلامنا الاردنية .
ورغم معرفة بعض الزملاء بادبيات المهنة وشرفها وميثاقها الغليظ ، الا انهم يقبلون المشاركة في تزييف الوعي وتضليل الرأي العام ، فتجتزأ التغطيات و يغيب التوازن و تهمل الحقائق ووجهات النظر وردود الفعل
لماذا اختارت قنوات تلفزة محلية و اذاعات و صحف يومية ان تنحاز للرواية الرسمية ، لحكومةٍ مستبدة وضعت تشريعا سيأتي على ما تبقى من حريات ، وسيضرب الاعلام في مقتل ، و سيضعفه و يعزله و يمنعه من التواصل مع الناس و التعرف على مواقفهم وانطباعاتهم و ردود فعلهم ؟
كيف انحازوا ضد مصلحتهم و مصلحة مؤسساتهم ، وتنازلوا عن واحد من اهم مصادر قوتهم وحضورهم وانتشارهم وتأثيرهم وهو السوشال ميديا ؟!! امر في غاية الغرابة و يتعارض مع طبيعة الاشياء ..
المواقع الاخبارية الالكترونية كان بعضها يعمل بمنتهى المهنية ، لا ننكر ان بعضها الاخر غاب عن المشهد جزئيا ، الا انهم جميعا ، حرصوا على شمولية التغطية وتوازنها واهتمامها بالرأي والرأي الاخر ، وهذا يعكس حقيقة ان المواقع الالكترونية تعتمد تماما على الانطباعات التي تتركها عند الناس ، وتدرك ان هذه الانطباعات التي تتشكل تؤثر تأثيرا بالغا على وجودها واستمرارها ، وهذا فهم عميق ودقيق ، فوسائل الاعلام اذا ما فقدت مصداقيتها فان ذلك يعني انها قد خسرت كل شئ .
مشروع قانون الجرائم الاكترونية اذا ما اقر بهذه الصيغة بشكل نهائي بعد مروره بكل مراحله الدستورية ، فسيذكر الناس كل من شاركوا بهذه المجزرة التشريعية ، لن ينسى الاردنيون ما حدث ، فكل عملية تغريم و توقيف قادمة ، كل حالة تضييق على الحرية ، ستُذكر الناس بحكومة بشر الخصاونة الذي دافع عن القانون بكل ما اوتي من قوة، ستُذكر الناس بمجلس النواب التاسع عشر و كيف انه سلق مناقشات هذا التشريع العرفي بخمس ساعات فقط ، سيتذكر الناس جيدا الاعلام الرسمي وشبه الرسمي الذي شارك في تمرير هذا التشريع الكارثي الذي سيكمم الافواه ويقيد الحريات .
ما زال هناك ثمة فرصة لاستنهاض الضمير المهني للزملاء العاملين في مؤسساتنا الوطنية قبل فوات الاوان و وقوعنا في المحذور ..
اما عن موقف نقابة الصحفيين ، فلم يكن بالمستوى المطلوب ابدا ، فلقد كان بامكانهم ان يحدثوا فرقا كبيرا ، و لكنهم اختاروا الحلول السهلة التي لم تغير شيئا على الاطلاق .
اذا مر هذا القانون فلا يسعنا ان نقول الا “عظم الله اجركم بالحريات ” ، ولا عزاء للعاملين في مهنة الصحافة
