
حماس وامريكا يفرضان خياريهما
حاتم الكسواني
هل فرضت حماس خيارها على إتفاق وقف إطلاق النار ؟
كان لابد من ذلك
لكنه ليس خيارا كاملا وواضحا بمنتهى الوضوح .
هل فرضت أمريكا خيارها على العالم ؟
نعم … كان ذلك .
الدليل موافقة 14 دولة وامتناع روسيا عن التصويت على قرار وقف إطلاق النار الأمريكي في مجلس الأمن .
فبمجرد أن تطرح الولايات المتحدة الأمريكية ورقة معدلة عن المبادرة التي قالت إنها مبادرة إسرائيلية فهو دليل على الاستجابة لتخوفات حماس ، وعلى الأقل الإستجابة لنقطتين هامتين ومن ثم يتناقش الفرقاء حول الباقي .
** النقطة الأولى النص صراحة على وقف دائم لإطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي .
** والثانية النص صراحة على أمر عودة المهجرين في كل أنحاء غزة إلى مناطق سكناهم الأصلية لا كما ورد في المبادرة الأصلية التي قالت عودة مدنيين إلى مناطق سكناهم وهو أمر لا يمكن قبوله لانه قابل للتأويل والتفسير وحمل أكثر من معنى .
ومن الأمور الواضحة ما نص عليه البيان المعدل من بنود تتعلق بحل الدولتين بتأسيس دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية وهو أمر على جانب كبير من الأهمية لانه يؤكد على تواصل المنطقتين بما تملكانه من مقدرات ومرافق تتيح لهما بالتعاون مع الدول العربية المحيطة بهما خاصة الأردن ومصر إمكانية الإستقلالية الإقتصادية والتحكم في معابر الدولة المنتظرة وحدودها .
كذلك أكد البيان ما طالبت به حماس ببدء عملية إعادة إعمار غزة .
إذن إستجابت الولايات المتحدة معياريا لمطالب حركة حماس المقاومة التي أعتقد أنها حظيت ” بإحترام على مضض” من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الملتزمة بمساندة إسرائيل على ضلال وبلا عقل يفكر منذ تأسيسها ، كما حظيت حماس بإحترام شعوب العالم وحكوماتها التي اعترفت بالدولة الفلسطينية كدولة مستقلة وكاملة السيادة والدول التي تعد العدة لأن تحذو حذوها .
وماكان ذلك ليكون لولا مواجهة مقاومي حماس البطولية للغزاة من جيش الكيان الصهيوني التي نفذتها على كل محاور القتال في غزة ، والإلتزام الكبير بقوانين الحرب التي تمثلت بالحفاظ على الأسرى الإسرائيليين وتوفير كل أسباب الحفاظ على حياتهم وصحتهم ، وهو أمرٌ بات واضحا في كل مرة يطلق فيها سراح بعض الأسرى أو تتاح الفرصة للاستماع لشهاداتهم حول حسن معاملتهم أثناء فترة الأسر .
اما الولايات المتحدة الأمريكية فكلنا يعرف انها عندما أرادت فرضت سيادتها على العالم ، كما يعرف أسباب طرحها للمبادرة التي نوردها فيمايلي بنقاط :
1- اولا بعد ما يزيد عن 8 أشهر لم تستطع إسرائيل أن تحقق أي هدف من أهداف الحرب المعلنة ، مما دعا الولايات المتحدة الأمريكية طرح المبادرة لإنقاذ الكيان الصهيوني وقادته من غيرهم وتطرفهم ومصيره المحتوم بالزوال .
2- استنزاف جيش الكيان الصهيوني وتراجع دافعيته للقتال و أدائه الميداني ، وتزايد وقوع الإصابات الفادحة بين أفراد قواته مابين قتيل وجريح ومصدوم نفسيا .
3- تنامي درجة سلوك الإجرام والقتل العمد ودون تمييز للعزل من أبناء الشعب الفلسطيني من قبل جيش الكيان الصهيوني ، واستخدام كل أدوات القتل والدمار العسكرية لتحقيق ذلك بإستخدام إمكانيات سلاح الطيران والمدفعية من الأرض والبحر الأمر الذي،يفقد الجيش الإسرائيلي كل صفة أخلاقية مطلوب أن تتحلى بها الجيوش النظامية ويجعله جيش مارق مدرج في قائمة العار للأمم المتحدة وموصوف من قبلها بالجيش المنتهك لحقوق الطفولة .. الجيش قاتل الأطفال .
4- بعد إدانة محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية وكثير من منظمات حقوق الطفولة والإنسان والصحة والتعليم الدولية لإسرائيل لتدميرها تلك القطاعات وقتل كوادرها ، ومطالبة قادتها للمثول أمام المحاكم القضائية الدولية كقتلة ومجرمي حرب بات من الصعب على الولايات المتحدة الأمريكية أن لاتفرض إرادتها على دول العالم بوقف إطلاق النار كسيده الأوحد القادر على فعل ذلك خاصة انها متهمة بمشاركتها لإسرائيل في عملية الإبادة الجماعية للفلسطينيين .
5- مع إقتراب موعد إنتخابات الرئاسة الأمريكية بات واضحا اثر هذه الحرب على خلط أوراقها بشكل يضر بفرص مرشح الحزب الديموقراطي للرئاسة ” بايدن ” ويضر بمرشحيه لمقاعد مجلسي النواب والشيوخ تاليا الامر الذي دفع الإدارة الأمريكية التخلص من عبأ هذه الحرب التي لاتخدم إلا أهداف بنيامين نتنياهو .
6 – قد تخشى الولايات المتحدة أن تكون حرب غزة هي نقطة بداية إنكشاف انهيارها الأخلاقي بمساندتها لإسرائيل وانها تعرف تماما نقطة المنزلق الذي لا تستطيع بعده العودة إلى الوراء فتوقعت عندها وسيكون بعدها ما بعدها من محاولات لحماية إسرائيل من الانهيار ومحاولة الحفاظ على السيادة الأمريكية للعالم ولكن بدفع ما يستحقه ذلك من ثمن .