الملكة رانيا تستنكر العقاب الجماعي بحق الفلسطينيين وتدعو إلى التطبيق المتساوي للقانون الدولي

حرير – دعت جلالة الملكة رانيا العبدالله المجتمع الدولي إلى الضغط بشكل عاجل على تل أبيب لوقف العقاب الجماعي الذي يتعرض له أهل غزة، والكف عن انتهاكاتها ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقالت جلالتها خلال مقابلة لجلالتها مع الإعلامية الأمريكية جوي ريد على قناة MSNBC في نيويورك أمس الخميس، “عندما يُعتمد التجويع كسلاح حرب، فهذا عقاب جماعي، وهذه جريمة حرب. وعندما يتم تهجير سكان بأكملهم، فهذه جريمة حرب منوهة “من الواضح جداً أن تل أبيب ليس لديها مشكلة في استهداف المدنيين، وأنهم يستخفون بقيمة حياة الفلسطينيين”.

أوضحت جلالتها أن الناس في العالم العربي وخارجه شعروا بصدمة كبيرة بسبب الخسائر البشرية غير المسبوقة التي خلفتها الحرب “الإسرائيلية” على غزة، مشيرة إلى أن 70% من 35 ألف شخص استشهدوا هم من النساء والأطفال، وتم تشريد 1.7 مليون شخص.

وأضافت “حتى نضع الأمور في نصابها – فاق عدد الأطفال الذين قتلوا على مدار خمسة أشهر عدد الأطفال الذين قتلوا في جميع الصراعات التي شهدها العالم في السنوات الأربع الماضية. لم يُقتل الأطفال بهذا المعدل في أي وقت آخر في التاريخ، وهذا أعلى معدل قتل منذ الإبادة الجماعية في رواندا. ولذا هناك غضب شديد في العالم العربي وفي جميع أنحاء العالم بسبب ما نشهده”

وفي تعليقها على الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في كانون الثاني/يناير الماضي والذي اعتبر أنه من المعقول أن ترتكب تل أبيب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، أشارت جلالتها إلى أن الأمر قد يستغرق سنوات حتى تصدر المحكمة حكمها النهائي.

وقالت جلالتها لا يمكن الانتظار. فالناس يُقتلون اليوم. التاريخ يُكتب اليوم. والجميع بالفعل متأخرون جداً. وكلما طال الانتظار، كلما كبرت وصمة العار على الضمير العالمي. ومجرد المناقشة بالمسميات: هل هي إبادة جماعية، أم لا؟ مجرد نقاش ذلك ينبغي أن يسبب صدمة عبر المجتمع الدولي.

كما سلطت جلالتها الضوء على “السابقة الخطيرة” المتمثلة في التطبيق غير المتكافئ للقانون الإنساني الدولي وقالت  عندما يتم انتهاك القانون الدولي دون أي عواقب، عندما يتم تجاهل قرارات الأمم المتحدة أو رفضها، ماذا يعني ذلك؟ ماذا يعني تطبيق القانون الدولي الإنساني بشكل انتقائي؟ أو عندما تتم معاقبة دول معينة بسبب سجلها الضعيف في مجال حقوق الإنسان، في حين تتم مكافأة تل أبيب، المتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية محتملة، بمزيد من الأسلحة؟ أين العدالة هنا؟

وتابعت جلالتها الإشارة إلى أنه “من الصعب جداً إستيعاب واقع الاحتلال، وما يعنيه أن تكون فلسطينياً تحت الاحتلال الإسرائيلي. أن تعرف أنه يوماً تلو الآخر، يتم التحكم بكل جانب من حياتك، ويتم إذلالك. أن تعلم أنه في أي لحظة، يمكن أن يتم احتجازك أو اعتقالك، دون مبرر، ودون أي مظهر من مظاهر الإجراءات القانونية، ودون أي عواقب. هذا هو واقع  الحياة للفلسطينيين. وحتى مجرد التنقل اليومي للفلسطيني يدل على الكثير: يتعلق الأمر بنقاط التفتيش والتأخير الروتيني. لا يمكنهم الانتقال من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) دون تصاريح ودون عمليات تفتيش. يتعلق الأمر بالاقتحامات الليلية، وعمليات التوغل العسكري، ومصادرة الأراضي، وأخذ الأطفال من أسرّتهم في منتصف الليل. إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحاكم الأطفال في المحاكم العسكرية. كتبت منظمة إنقاذ الطفل تقاريراً حول هذا الأمر، كيف يتم أخذ الأطفال عادة من أسرّتهم ليلاً، يتم القبض عليهم دون تهمة. أحياناً تكون التهمة مجرد رمي الحجارة، وقد يؤدي ذلك إلى السجن لمدة 20 عاماً.

وأوضحت أنه إلى جانب حربها على غزة، تتخذ إسرائيل إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقالت جلالتها إن نحو 500 فلسطيني، بينهم 124 طفلا، استشهدوا واعتقل 8000 آخرين في الضفة الغربية.

وأضافت “لقد شهدنا أكبر عملية استيلاء على الأراضي منذ 30 عاماً في شهر آذار – 800 هكتار من الأراضي الفلسطينية. وبلغت هجمات المستوطنين المسلحين مستوى قياسي. يهاجمون منازل الفلسطينيين، ويحرقون المحاصيل، ويهاجمون ألواح الطاقة الشمسية، وخزانات المياه، والسيارات… وهذا يحدث كل يوم. وهو تحت مرأى من الجيش، إن لم يكن بمشاركته. والجيش هو الذي يزودهم بالسلاح”.

ودعت جلالتها المجتمع الدولي إلى استخدام نفوذه، وهذا يعني أنه عليه أن تكون مستعداً لمحاسبة كلا الطرفين. والوصول إلى سلام عادل لا يمكن أن يقتصر فقط على تطبيق الجانب الأقوى لإرادته على الجانب الأضعف، مما يعني أنه يتعين فهم عدم توازن القوى هنا.

كما استذكرت الملكة نصيحة جلالة الملك الراحل الحسين، الذي وقع اتفاق سلام مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عام 1994. وقالت: “هو الذي قال لي ذات مرة: “رانيا، عليك دائماً أن تضعي نفسك مكان الشخص الآخر”. لم أنس هذه الكلمات أبداً. طلب بسيط ولكن نادراً ما يقوم به الناس هذه الأيام. وهذا هو مدخل التعاطف .

وقالت: كل ما أريده هو أن يحاول الجميع ولو لمرة واحدة أن يضعوا أنفسهم مكان الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة