ما هي أسباب انخفاض أسعار السلع؟…خالد الزبيدي

ذكرت وزارة الصناعة والتجارة والتموين في بيان صدر أمس انخفاض أسعار 34 سلعة من أصل 71 تم رصد اسعارها خلال الربع الاول من العام الحالي بنسبة مئوية اجمالية بلغت 48 بالمئة، بالمقارنة مع مثيلاتها من تلك السلع للربع الأول من العام 2017.
هذه الارقام يفترض ان ترسل رسالة مهمة للمستهلكين والتجار بأن تكاليف المعيشة لم ترتفع لفترتي المقارنة، إلا ان الناس يؤكدون بأن الغلاء المتراكم أتى على ما تبقى من قدرات شرائية للمستهلكين الذين بالكاد يستطيعون تدبير متطلبات معيشتهم السلعية والخدمية الاساسية من الطعام والشراب والنقل والصحة والتعليم والملابس وغير ذلك من اساسيات العيش.

منذ بداية العام 2017 وحتى نهاية الربع الاول من العام 2018 شهد المجتمع الاردني سلسلة من القرارات الضريبية من رفع اسعار الخبز الى السلع الغذائية واجور النقل واسعار المحروقات والطاقة الكهربائية، وهذه الاسعار ساهمت في تعميق الركود في الاسواق التجارية وتدنت مبيعات القطاعات التجارية الى النصف تقريبا.

أما زيادة الرواتب والاجور في القطاعين العام والخاص لم تشهد زيادات مهمة على الرواتب، فيما القطاعات المولدة لفرص عمل جديدة لا تزال تعاني، إذ لم تشهد توسعا في اعمالها وهناك اعداد كبيرة من الاعمال قلصت انشطتها وبعضها ترك السوق بعد ان خسرت الكثير.
وفي مجالات التشغيل لا تزال البطالة على ارتفاع والفقر على اتساع، وتكاليف الاموال (اسعار الفائدة المصرفية) زادت واحبطت معها القطاع الخاص وكبحت الافراد للحصول على قروض، اي ان الاتجاه العام للمؤشرات الرئيسية للاقتصاد لم تشهد نموا حقيقيا، لذلك بيان وزارة الصناعة والتجارة والتمويل يفترض ان يبحث في العوامل التي خفضت اسعار مجموعات سلعية.. هل هو ناتج عن انخفاض الاسعار من دول المنشأ؟ او بسبب تراجع الطلب محليا مما دفع السوق الى تعديل نفسها بنفسها؟ فالاسعار تتبع العرض والطلب حيث ترتفع مع ارتفاع الطلب، وتنخفض مع انخفاضه او تدني القدرة الشرائية للسواد الاعظم من المستهلكين، فالنتيجة واحدة.
وفي نفس الاتجاه ففي حال اقرار الحكومة قانون ضريبة الدخل الجديد، وكالعادة موافقة مجلس النواب عليه، فان الحركة التجارية لن تتأثر بالقرار هذا العام، لكنها ستتأثر مع بداية العام 2019، وباعتبار الاقتصاد ينقاد في كثير من الاحيان بالتوقعات المستقبلية على المدى القصير والمتوسط وعلى الطويل الاجل سنجد انعكاسات سريعة على الاقتصاد خلال العام الحالي، وسنجد اتساع نطاق الاقتصاد الرمادي وزيادة التهرب الضريبي، وان العقوبات القانونية للتهرب الضريبي لن تقنع المتهربين ضريبيا ولن تردهم، لذلك ان التجاوز على الاهداف الاقتصادية والاجتماعية للضرائب ستلحق اضرارا بالغة بالاقتصاد والمجتمع وتفقد الثقة التي تعتبر حاليا بأدنى مستوياتها.. عندها لن تفيد بيانات وزارة الصناعة وغيرها عن انخفاض الاسعار أو ارتفاعها.

مقالات ذات صلة