سعر الدواء… حقائق وآليات… بقلم مازن طنطش

 

تستدعي متابعة ما يكتب بخصوص الدواء في الأردن وأسعاره ومن أشخاص يفترض أنهم على إطلاع بالكثير وليس كعامة الشعب وبعد ذلك يقولون “سعر الدواء مرتفع مقارنة ببلاد أخرى”.

وهل سعر الحديد أو الحليب أو الكتاب أرخص في الأردن من غيرها من الدول!

لكل دولة خصوصية تنبع من منظومتها الضريبيه وكلف الصناعة أو التجارة المرتبطه بأسعار الكهرباء والوقود والرواتب والشحن والتخليص والتخزين ووو…. فكيف لنا المقارنة بمعزل عن كل هذة المتغيرات.

لا نريد أن نأخذ قرارات إقتصادية بصبغة سياسية شعبوية وتظهر لنا آثارها الكارثية على المدى المتوسط والبعيد.

لمن لا يعرف، تركيا كبلد أعلنت أن من أهدافها أن تقدم العناية الصحية بالمجان وبما يشمل على الدواء ولذلك تدعم الدولة 45% من قيمة الدواء المباع وثبتّت الدوله سعر الصرف عند تسعير الدواء (Euro1 الى 2.2 ليره) والسعر الآن هو  (Euro1 الى 7.8 ليره) أي 30% من سعر الصرف الفعلي.

معظم البلاد تدعم كلف التصنيع أو العناية الصحية ولذلك يوجد إختلاف في الأسعار، كما أن منظومة التسعير في الأردن والتي تشرف عليها مؤسسة الغذاء والدواء هي متطورة ومتوافقه والآليات الأقليمية في التسعير.

وعند الحديث عن الأردن، يجب أن نأخذ بالحسبان أن الأردن بلد مصدر للدواء وميزانه التجاري إيجابي فنحن نصدر أكثر مما نستورد من الدواء، ولذلك فإن السياسات المرتبطه في الدواء تختلف في بلد مصدر للدواء ميزانه التجاري إيجابي فيه عن بلد مستورد للدواء ميزانه التجاري سلبي فيه، وكما في الأردن فإن كل الأسواق تعتمد آليات تسعير يكون فيها سعر بلد المنشأ هو من المحددات وسقف للتسعير في هذه البلاد، أي أن سعر الدواء الأردني المنشأ في بلاد التصدير لا يجب أن يكون أعلى من سعر بلد المنشأ، وبالتالي فإن أي تغيير على سعر الدواء في الأردن يخفض مباشره سعره في بلاد التصدير ويقول البعض أن هناك فرق بين الأسعار في العطاءات والقطاع الخاص… نعم صحيح إن الشركات الأردنية وكون ما يقارب 87% من الأردنيين مؤمنين تقوم بدورها بإعطاء أسعار تقارب الكلفة وذلك للقيام بواجبها لتوفير الأمن الدوائي من جهة، ولمن يعلم بإقتصاديات الحجم في الصناعة لزيادة الكميات المنتجة وبالتالي توزيع الكلف الثابته على وحدات صناعية أكثر وبالتالي تخفيض الكلفه للوحده الواحدة، فإن مبيعات القطاع الخاص نوعا ما تدعم الأسعار المقدمة للقطاع العام.

إن الأردن يفتخر بمؤسسة الغذاء والدواء ومستوى الرقابة المتوفر بها والذي بدوره يرفع من كلف الإنتاج للمصانع الأردنية مقارنة مع بلاد اخرى أقل رقابة على صناعتها الدوائية، فمؤسسة الغذاء والدواء تذهب حتى إلى إعتماد مصادر المواد الأولية التي تدخل في صناعة الدواء وتكشف على مصانعها، إن المؤسسة تضع نوعية الدواء الأردني على رأس أولوياتها ولكن هذا له ثمنه، العديد من الأسواق المجاورة تعمل على نوعيه أقل وكميات أكثر بكثير، فكيف لنا أن نقارن مربحية الدواء في الأردن الذي يستهلك ما يقارب 400 مليون دولار وسوق تركيا الذي حجمه 6.5 مليار دولار!

أحبتي أخشى أن تصدر قرارات شعبوية تؤدي الى أضرار لا يحمد عقباها.

إذا أردنا أن نقارن أنفسنا ببلاد لها سياسات دعم فالأحرى أن تكون للدولة نظرة مستقبلية واضحة المعالم وليس فزعات شعبوية قاتلة للأعمال.

 

مــــــازن طنطـــــش

نائــــــــــب الرئيــــــــــــــــس

ممثل قطاع الصناعات العلاجية واللوازم الطبيه                         

غرفـــــة صــــناعة الأردن

مقالات ذات صلة