هل أتاك حديث النهضة؟.. أحمد حسن الزعبي

المشكلة العظمى عندما نفكّر أننا محور الكون ،ومركز العالم ،وكل ما يجري في هذه الدنيا يدور في فلكنا، وأننا الدولة الوحيدة التي تواجه تحديات ،وحولها إقليم ملتهب وتعيش على منعطف تاريخي!! ..مع أن جميع دول العالم لديها تحديات ونصفها يعيش في إقليم ملتهب ومنعطف تاريخي ان هي أساءت الإدارة ، لكنهم لم يأخذوا من هاتين الحجتين في التراجع والتقهقر والمديونية و”لعانة الحرسي”.
لقد صرفنا “سينات “سوف ،سنقوم، سنبني، سنعمل، سنحاول” لو جمعنا أسنان حروف السين التي نطق بها رؤوساء الحكومات المتعاقبين والمعاقدين لشغّلنا مسننات أكبر مصنع أمل في العالم..لكنها بقيت صفيراً ينطلق من مغارة الفم لا يسمن ولا يغني من جوع.

**

أثيوبيا: افتتحت عام 2014 أربعة مجمّعات صناعية ضخمة مملوكة للدولة ،وفي غضون سنتين أي عام 2020 سيكون لديها 8 مجمّعات جديدة ،كل من يريد أن يتخذ مصنعاً منتجاً من القطاع الخاص في هذه المجمّعات حتماً هو معفى من ضريبة الدخل لمدة خمس سنوات ومعفى من الضرائب والجمارك على جميع الماكنات والتجهيزات الرأسمالية لهذه المصانع إعفاء بلا حدود، وقد عقدت أثيوبيا صفقة مع الصين بتمويل هذه المشاريع بما قيمته 10مليارات دولار في خمس سنوات ، وعهدت أثيوبيا إلى الصين “نفض” البنية التحتية والجسور والشوارع من نفس التمويل مقابل ان تقوم الشركات الصينية بتشغيل مواطنين أثيوبيين بهذه المشاريع وتأهيلهم ليصبحوا أيادي عاملة مهرة بعد أن كانت الشركات تشكو من انخفاض قدراتهم التدريبية ، الآن أصبحوا عمّال مهرة ولهم القدرة على تدريب عمالات افريقية ناشئة بنفس القطاعات..هذا الانفتاح على قوة عظمى مثل الصين وفّرت مئات الآلاف من فرص العمل للأثيبوبين ومتوقّع أن يصل عدد فرص العمل الموفرة من هذه المشاريع 2 مليون فرصة عمل في عام 2025.
هذا المعنى الحقيقي للنهضة من دولة فقيرة طحنتها الحروب والمجاعات والصراعات الداخلية الى دولة يشتدّ ساعدها وتصبح دولة منتجة و من أهم اقتصاديات إفريقيا، وسأكتب قريباً عن دول كانت لا تعرف الا من خلال المجاعات والأمراض المنقرضة صارت دولاً مهمة وأرقام صعبة في إفريقيا…
هكذا تكون النهضة ، بولادة الإرادة الحقيقية بنفس من يريد التغيير، عندما ينظر إلى الوطن على انه الملاذ ، على أنه الأرض والسماء المولد والمدفن ، لا مجرّد بلكونة يقف عليها دقيقة “ليطيّر الزهق” ثم يغادر…كثرة الإطلالات على الشاشات لا يصنع نهضة بل يصنع “مغصة” و”حرقة” و”حمّة بال”..العمل الحقيقي هو ما نحتاج…وقبل كل شيء ..”الارادة” والايمان بالوطن!! هل انتم مؤمنون بوطنكم حقاً؟!

مقالات ذات صلة