هل ما زالت الثقافة العربية عربية؟.. د. مهند مبيضين

أواسط الثمانينات من القرن المنصرم صدر مقال في الغرب بعنوان: «هل ما زالت السياسة العربية عربية؟»، ثمّ جاءت حروب الخليج، وصعدات أزمات الإقليم، وفتحت العولمة الباب لأدوار سياسية جديدة في المنطقة والعالم، لكن عنوان الفاعل السياسي اليوم يكمن في الاقتصاد.

وماذا عن الثقافة اليوم، وبخاصة عربياً؟ للجواب على سؤال الأمن الثقافي العربي كان لقاء وانتداء مؤسسة عبدالحميد شومان مع جهود مشتركة لمؤسسة سلطان العويس للبحث في أسئلة الأمن الثقافي العربي، وهي جهود معرفية فتحت الباب على أسئلة مهمة في إطار السؤال عن المفاهيم والإشكالات والأفعال التي تعيد رفع نصاب الثقافة إلى حيز الفعل المقاوم أو ما يجعل من الثقافة حصانة أو مانع ضد الانهيار.
المتحدثون في اليوم الأول، لم يكن بوسعهم القفز على تعريف الثقافة، وهذا أمر منهجي ربما، وقد يكون ضرورة لأي تناول معرفي، لكن من المهم القول أن الأوراق التي قدمت كان على درجة متفاوتة من التفهم والتبصر والبحث في أصول المجابهة الثقافية التي حاول المفكر محسن الموسوي تناولها بدقة، كما أن تناول الباحث حسن مدن أثر العولمة لم يقل أهمية عن معالجة الموسوي، فكانت الأسئلة التالية من الجمهور مباحة ما جعل سؤال المواجهة الثقافية والخصويصيات والثنائيات والدين كلها حاضرة.
وفي مقاربة المفكر فرديدرك معتوق لدور الدين كانت إثارة سؤال الدين والثقافة في أوسع آفاقها حين طرح مسألة العصبية والدين، ومنها كان النفاذ لطرح مشكلة القومية والدين والنتائح المترتبة على ذلك التناحر بين العصبيات سواء كانت دينية أو قبلية، وقد ادار الباحث ورقته بمرجعية معرفية خلدونية عميقة تستند إلى البحث عن غايات العصبية وهي المُلك.
ولا يقف الملتقى عند هذه الحدود، فهناك أبحاث عن الانغلاق والتبعية والفعل المقاوم وتحصين الأمة من الذوبان ودور الإعلام  والتعليم وشبكات التواصل والتكنولوجيا الرقمية.
الرئيس التنفيذي لمؤسسة شومان، فالنتينا قسيسية نفت في كلمتها أن  سهولة تناول موضوعات الأمن الثقافي، والذي تنطوي تحتة العديد من المفردات الصعبة غير الليّنة والتي تحتاج إلى تحديث ثقافي واجراء مساءلة صريحة للاجابة على سؤال الراهن.
في عام 1936 كتب طه حسين كتابه المثير للجدل بعنوان :»مستقبل الثقافة في مصر» وهو كتاب لا يزال حاضرا، وآنذاك طرح حسين ما نطرح اليوم من حديث عن الهوية والشخصية الوطنية واللغة الفصحى والعامية وسهولة التناول والحديث بها عوضاً عن الفصحى، والهوية الحضارية والتعليم.
كانت اسئلة طه حسين وليدة لحظة الاصطدام بالاستعمار ونتائجه، وهي أسئلة ما زالت ماثلة حتى اليوم في أسئلة المفكرين العرب وربما لم نتجاوزها بعد.

مقالات ذات صلة