منطقة الخليج.. قبلة للفعاليات العالمية (تحليل )

قطر أبهرت العالم بمونديال تاريخي، والإمارات تحدت كورونا ونظمت "إكسبو دبي" بحضور 24 مليون زائر، والسعودية تسعى لضرب عصفورين بحجر واحد في 2030..

حرير – تحولت منطقة الخليج العربي إلى مركز عالمي يستضيف فعاليات دولية كبرى خاصة منذ انقشاع موجة جائحة كورونا في 2021، وارتفاع أسعار النفط والغاز إلى مستويات قياسية لم تصلها منذ 2014.

فمن كأس العالم لكرة القدم في قطر، ومعرض إكسبو دبي بالإمارات، والقمم الثلاث مع الصين بالسعودية، تتوهج المنطقة بأحداث عالمية تستضيف زعماء وشخصيات وممثلين عن هيئات وشركات من مختلف قارات العالم، لتشهد حقيقة المعجزة العقارية، وتطور البنية التحتية والعمرانية في المنطقة بشكل أكثر حداثة ونظافة وتنظيم من مدن أوروبية عريقة.

وتستعد دول الخليج وبالأخص السعودية وقطر والإمارات لاستضافة فعاليات عالمية أخرى في الأعوام المقبلة، لتغيير الصورة النمطية عن المنطقة، خاصة في الإعلام الغربي، الذي يحاول اختصارها في صحاري وجمال وبئر نفط.

** مونديال قطر.. ذكرى خالدة

نجحت قطر في تحدي تنظيم كأس العالم، رغم كل الحملات التي شنت عليها لسحب شرف تنظيم مونديال 2022 منها، ودخلت التاريخ باعتبارها أول دولة عربية ومسلمة تنظم كأس العالم لكرة القدم.

بل إن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جياني إنفانتينو، وصف البطولة بأنها “أفضل كأس عالم في التاريخ”.

كما فاقت الإيرادات المالية لمونديال قطر النسخة السابقة بروسيا بمليار دولار، حيث بلغت 7 مليارات ونصف مليار دولار، وفق إنفنتينو.

واستقبلت قطر أكثر من 1.4 مليون مشجع خلال المونديال، ما يعادل نحو نصف سكان البلاد، ينتمون لجنسيات مختلفة حتى ممن لم تشارك منتخباتها في بطولة كأس العالم لكرة القدم.

وكانت فرصة مثالية لتعريف شعوب العالم على الثقافة العربية وعاداتها وتقاليدها ولباسها، الذي أبدع المشجعون في ارتداء “الغترة” القطرية بألوان أعلام بلدانهم.

وبسبب الغترة دخل فتى قطري الترند في شبكات التواصل الاجتماعي بالصين، وتحول “البشت” الذي أهداه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، قبل رفعه كأس العالم، إلى أيقونة عالمية، وازدادت مبيعاته بين الجماهير الأرجنتينية خاصة.

ومنع الخمور في الملاعب القطرية والذي انتقده بعض الإعلام الغربي وجد من العقلاء من يدعو إلى الاستفادة من هذه التجربة، خاصة من النساء أو من يرغب في مرافقة بناته إلى الملعب.

كان كأس العالم في قطر مميزا واستثنائيا ورائعا، ليس من حيث المداخيل القياسية وعدد المشجعين وأعداد المشاهدين بل أيضا من حيث ثقة البلاد وشعبها بثقافتها وتحديها للعوائق الجغرافية والمناخية التي واجهتها.

فاختارت تنظيم كأس العالم في الشتاء بدل الصيف، واستعانت بالتكنولوجيا لتكييف الملاعب، وصغر مساحتها استغلته في تحقيق رقم قياسي كان من نصيب يوتيوبر مصري وآخر بريطاني تمكنا لأول مرة في تاريخ بطولات كأس العالم من مشاهدة جميع المباريات الـ64.

وحتى بعد انتهاء كأس العالم الذي أنفقت قطر نحو 220 مليار دولار لتنظيمه، إلا أن آثاره المادية والمعنوية ما زالت مستمرة، كالملاعب وشبكات الطرق ومترو الأنفاق والفنادق التي سيستفيد منها المواطن القطري والمقيمون والسياح.

ناهيك عن القوة الناعمة التي أصبحت تتمتع بها قطر، من خلال مشاهدة ملايين سكان المعمورة لمباريات المونديال عبر مختلف الوسائط السمعية البصرية.

** الإمارات.. كورنا لم تهزم إكسبو دبي

فوز مدينة دبي الإماراتية في 2013، بشرف تنظيم معرض “إكسبو 2020″، كان حدثا استثنائيا لأنه الأول من نوعه في المنطقة العربية، وجاء بعد منافسة قوية مع عدة مدن عالمية عريقة.

غير أنه بعد 7 أعوام من التحضيرات، كلفت البلاد أكثر من 7 مليارات دولار، اصطدم موعد افتتاح معرض “إكسبو دبي” بانتشار وباء كورونا، ما أدى إلى تأجيله حتى عام 2021.

ورغم دعوة البرلمان الأوروبي لمقاطعة “إكسبو دبي” بسبب قضايا حقوق الإنسان، وتقليص بعض الوفود لأعضائها مع استمرار الإجراءات الاحترازية المتعلقة بكورونا، ومع ذلك استقبل المعرض أكثر من 24 مليون زائر من نحو 190 دولة،

وانعقد “إكسبو دبي”، ما بين 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى 31 مارس/آذار 2022، ويعتبر أكبر معرض في العالم تستضيفه المدينة.

وينظم معرض “إكسبو” كل خمسة أعوام، في مدينة معينة، لستة أشهر، ويتمحور حول تبادل الأفكار والابتكارات الحديثة المتعلقة بمستقبل البشرية، وستعقد النسخة المقبلة في مدينة أوساكا اليابانية في 2025.

وتستعد الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لاستضافة قمة المناخ “كوب 28″، بمدينة “إكسبو دبي”، والتي من المقرر أن تشهد مشاركة وفود من أكثر من 190 دولة، وزعماء دول.

** السعودية.. رونالدو وكأس العالم وإكسبو 2030

لا تريد السعودية أن تتخلف عن استضافة كبرى التظاهرات العالمية، خاصة وأنها الاقتصاد الأكبر في الخليج والمنطقة العربية، واحتياطاتها من النقد الأجنبي بلغت نحو 465 مليار دولار، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وما تعاقد فريق النصر السعودي مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، برقم فلكي (200 مليون دولار سنويا)، إلا إعلان لانخراط الرياض في سباق العالمية، والبحث عن القوة الناعمة بين أرجل نجوم “الساحرة المستديرة”.

وعلى غرار قطر، تدرس السعودية إمكانية الترشح لاحتضان كأس العالم لكرة القدم في 2030، لكن بالشراكة مع مصر واليونان، لزيادة حظوظها في الفوز بشرف تنظيم المونديال لأول مرة في تاريخها.

فنجاح مونديال قطر من شأنه تمهيد الطريق أمام السعودية لتكرار نفس التجربة، خاصة وأنها تتصادف مع رؤية المملكة 2030.

كما أن حظوظها لاقتناص شرف تنظيم كأس آسيا 2027، عالية، ما يمنحها فرصة لضرب عصفورين بحجر واحد، من خلال تشييد مزيد من الملاعب والمنشآت المرافقة لها من شبكات مواصلات وفنادق ومطاعم.

وترشحت مدينة الرياض السعودية رسميا لاحتضان “إكسبو 2030″، واختارت نفس التواريخ التي نظم خلالها “إكسبو دبي” بين 1 أكتوبر/تشرين الأول 2030 وحتى 31 مارس/آذار 2031، بما يتناسب مع مناخ المنطقة.

لكن الرياض ستواجه منافسة من مدينة بوسان الكورية الجنوبية، ومن العاصمة الإيطالية روما، وحتى من مدينة أوديسا الأوكرانية الواقعة تحت القصف الروسي.

وإن كان من المستبعد فوز أوديسا، بشرف تنظيم “إكسبو 2030، وكذلك روما، على أساس أن “إكسبو 2015” نظم في مدينة إيطالية “ميلانو”، لذلك من المرجح أن تقتصر المنافسة النهائية بين الرياض وبوسان.

وتمثل الإمكانيات النفطية والمالية الهامة، والتجربة السابقة لكل من قطر والإمارات، حافزا للسعودية للترشح لكبرى التظاهرات الدولية العالمية.

واستضافة الدول الخليجية لاحتضان كبرى المناسبات الدولية من شأنه تحويل المنطقة إلى قطب عالمي بارز، له سمعته وخبرته في تنظيم مثل هذه التظاهرات، ويحقق أهداف سياسية واستراتيجية، على غرار كسر الهيمنة الأوروبية والغربية على مثل هذه المناسبات.

– الأناضول .

مقالات ذات صلة