القمة العربية حدث عابر…فهد خيطان
قابلت وسائل الإعلام العربية والعالمية، القمة العربية التي انعقدت في مدينة الظهران السعودية، أمس، بأقل قدر من الاهتمام. ولا حاجة لنا للاجتهاد في البحث عن تفسير لحالة الانكفاء هذه؛ فالقمم العربية تبدت منذ زمن بعيد حدثا هامشيا في المشهد العربي العجيب، يغيب عنها كل مرة دستة من الزعماء، إما لعجزهم الصحي أو لعدم وجود زعماء لدول عربية.
أما الشارع العربي، فبالكاد انتبه لانعقاد القمة العربية أو ترقب نتائجها. في قمم سابقة كانت خلافات بعض القادة المشاكسين ومماحكاتهم على الهواء هي ما يشد اهتمام الناس لمتابعة جلسات الافتتاح، لكن اختفاء هؤلاء من المشهد وغياب زعماء المحاور المتصارعة عن أعمال القمم، حولاها لحدث ممل، وتزيد مشاهد الغفوات لبعض الزعماء الطاعنين بالسن من رغبة المشاهدين لقطع البث وقضاء قيلولة الظهيرة.
من المفترض أن يكون قد صدر عن قمة الظهران، مساء أمس، حزمة من القرارات المنسوخة عن قمم سابقة، وبيان يحمل بصمة الدولة المستضيفة.
عندما انعقدت القمة السابقة في الأردن، تصدرت القضية الفلسطينية بيان عمان بوصفها أولوية عربية وأردنية. وصارعت الدبلوماسية الأردنية حينها لتثبيت هذه الحقيقة في وجه محاولات عربية لتقديم قضايا إقليمية أخرى على ملف الصراع العربي الإسرائيلي.
“بيان الظهران” لن يهمل هذا البند الرئيسي، لكن من المؤكد أن قضايا الصراع السعودي والخليجي مع إيران ستحتل مكانة متقدمة في البيان، إلى جانب مواضيع متعلقة بالموقف من الجماعات الإرهابية.
الأزمة السورية حضرت في القمة، لكن التباين في وجهات النظر بين دول عربية تعمق أكثر، خاصة بعد الهجوم الثلاثي الأخير على مواقع سورية، ومسارعة دول خليجية من بينها الدولة المستضيفة إلى الترحيب بالضربات الغربية.
سيدقق المراقبون بمحتوى بيان القمة، بحثا عن عبارات تعكس التحول في نظرة السعودية حيال صفقة القرن المتوقعة أميركيا لحل القضية الفلسطينية، وما تردد عن دور محوري للرياض في هذه الصفقة.
الحرب في اليمن من أولويات السعودية في القمة ولها مكان بارز على أجندة القمة، التي تبنت سلفا قرارا بدعم الشرعية والتنديد بالتدخلات الإيرانية ودعمها للحوثيين. غير أن قرارات القمة لن تغير شيئا من الوضع المزري في اليمن ولن توقف الحرب. المرجح أن الحديث بهذا الخصوص يتم في مكان آخر وبعيدا عن الظهران.
معظم القادة العرب يذهبون للقمم مكرهين، ولا يرون فيها أكثر من واجب ثقيل ومجاملة لا بد منها للدولة المستضيفة. يدخلون قاعة الاجتماع وهم يفكرون بموعد المغادرة. حتى الجلسات المغلقة تم الاستغناء عنها بعدما بلغت الخلافات حدا لا تستطيع القاعات المغلقة أن تحتويه، وبعدما بلغ العجز العربي قعرا لم يبلغه من قبل.
لا نعرف أين ستعقد القمة العربية المقبلة، فالجامعة العربية صارت تدلل عليها عسى أن تجد من يقبل بهذه المهمة الثقيلة والمزعجة.
هي مجرد حدث عابر، وفي أحسن الأحوال، فاصل قصير ونعود بعد لمشاهد الفوضى والخراب العربي.