– خللي «الشهايد» تنفعكو؟…يوسف غيشان
كما يحصل في الواقع، ففي طوشة عادية بالمباطحة وبالحجارة بين عشيرتين يتغلب ابناء العشيرة الأقل تعليما على ابناء العشيرة التي تمتاز بكثرة المتعلمين فيها، وعلى سبيل الشماتة بعد انتهاء اعمال الطوشة، يقول ابناء العشيرة الأولى لأبناء الثانية :
– خللي «الشهايد» تنفعكو؟
حصل هذا الأمر قبل عقود، حينما كانت الشهايد(الشهادات) قليلة وتهتم بها عائلات اكثر من اخرى، لأسباب متنوعة، ليست موضوعنا الان- لكن الشهادات انتشرت حاليا بين الجميع، وصرنا جميعا ممن يمكن ان يقال لهم:
– خللي الشهايد تنفعكو.
بالتأكيد، فإن الغيرة كانت احد اسباب تحرش العشيرة الأولى بالعشيرة الثانية، وما لم يتم حله بالطوشات، تكفل الزمن بحله، بعد ان اصبحت الشهادات متوفرة للجميع، على قفا من ايشيل.
لاحظوا انني استخدمت كلمة «الشهايد» كما وردت من الميدان، ولم استخدم العلم، فلدينا الكثير من الشهايد، والقليل من العلوم والمعارف. والدليل على ادعائي هذا هو ممارساتنا الفعلية اليومية الحية على ارض الواقع.
عند اول فزعة عشائرية، نترك شهاداتنا معلقة على الحيطان – المطروشة كيفما اتفق- ونعود الى مغائرنا الأولى، ونصف الى جانب القرابة وابن العشيرة، ونفضله على الرجل المناسب والكفؤ، دون ان يرف لنا ضمير….فالضمير –عادة- لا يمنعنا من ارتكاب الخطايا ، لكنه يمنعنا من التمتع بارتكابها…اذ بعد مرور اشهر، نشعر كم اخطأنا ..ونندم حيث لا ينفع الندم.
الرائع فينا، اننا وفي اي فزعة، مهما كان نوعها، نعود ونكرر ذات الأخطاء، ثم نعود بعد اشهر لنندم عليها، لكأننا نتمتع بالندم اكثر من تمتعنا بالأخطاء ذاتها.
ما كان يقال بين عشيرتين سابقا، تحديدا ما تقوله العشيرة الرابحة في العراك للخاسرة على سبيل النكاية، صار يقوله الذي نسانده عشائريا من جماعتنا…..حينما يحلق لنا وللجميع ع الناشف ، ولسان حاله يقول:
– خللي الشهايد تنفعكو!.
وتلولحي يا دالية
يوسف غيشان