الأربعون تنتصف… محمد عبدالكريم الزيود

 

الأربعون تنتصف ، والعمرُ يمرّ كالغيّم ، والغزال أتعبهُ الجري ، ثمّة تعب يسكن المفاصل ، وثمّة أحلام بدتْ تشيخ ، وثمّة سراب كُنتَ تحسبهُ ماءً .
الأربعون تنتصف ، والأصدقاء يتساقطون كل يوم ، والطريق التي كنتَ تسير بها معهم بدتْ تضيق أكثر وأكثر ، حتى لم تعد تتسع إلا لسواك ، ربما هي تصعدُ بكَ إلى نقطة النهاية .
الأربعون تنتصف ، وكل الحقائق التي درسناها في الكتب بدت كاذبة ، وكل الأحلام محض إفتراء ، والعمر إمتلأ بالخيبات والخذلان ، لم يعد تطربك رسالة صباحيّة ، ولا إبتسامة صبيّة ، ولا كُحل إمرأة تبحثُ عن الحبّ والإهتمام ، ولا تثيركَ رائحة الياسمين ولا كلام القصائد .
الأربعون تنتصف ،والشيب يزيد كل يوم في القلب ، والعينان متعبتان وقد رأيتَ بهما أحلاما وطموحا رحتَ تبحث عنه حتى أضناكَ التعب ، واليوم تعود إلى سريرك تقتسم الكآبة ، فبعد كل معاركك لم تحصد إلا الخيبات ، تعود كفارس منهك وكعاشق مخذول .
الأربعون تنتصف ، والدنيا “تمدُّ لسانها” لكَ ، تقف في منتصف العمر كصيّاد فاشل ، تعود بسلّة فارغة والسماء تملأها الطيور ، تجلسُ على أعتاب العمر والدروب فارغة تعدّ المارين وتردّ السلام ولا أحد يقرأ السلام عليك .
الأربعون تنتصف ، والعمر يمرّ كالغيّم ، فالسلام على العمر الذي مضى ، والسلام على العمر الذي بقى .

مقالات ذات صلة