مسيرة العودة بين عبقرية المقاومة وحالة الإلهام

حاتم الكسواني

دابت عبقرية الشعوب في المقاومة بإستنباط أساليبها المبتكرة بما يتناسب مع جغرافيتها وظروفها واوضاعها السياسية والاجتماعية .

ووفقا لذلك وجدنا ان شعار الفيتناميين لمقاومة عدوهم الأمريكي كان  ( المقاومة حتى النصر ) وقد عملوا على تخضير كل حقل حرقه الأعداء ، وحرصوا على إستمرار التعليم رغم الحرب الضروس التي كانت دائرة في بلادهم  ، بل أنهم استغلوا طبيعة بلادهم  التي تكسوها الغابات ذات الأشجار المتشابكة والحقول الممتدة  ، فكمنوا لعدوهم بينها وفوقها وتحتها ليفاجئوه في كل مره بما يرهقه ويرعبه .

ولعل تجربة غاندي في الهند بمقاومة المحتل الانجليزي لبلاده ، كانت من ابرز وسائل المقاومة الشعبية  التي شهدها التاريخ الإنساني عبقرية وفعالية باستخدامها اسلوب ( الساتياغراها )  التي أعتمدت مقاومة إستبداد عدوه بالعصيان المدني الشامل اللاعنفي ،ومقاطعة أفراد جيشه ومواطنيه وادارته مقاطعة كاملة بعدم التعامل أو التواصل معهم باي شكل من الاشكال الإجتماعية أو الإقتصادية أو الثقافية .

الجزائريون استغلوا حاراتهم ذات الشوارع الضيقة ، فاستدرجوا عدوهم الفرنسي اليها في القصبة ، وغيرها من الأحياء ليفاجئوه برصاصهم وقنابلهم وعبواتهم المزروعة .

وهكذا الى ان عشنا الحالة الغزاوية التي استلهمت نهجها بالسير بمجاميع كبيرة نحو حدود بلادهم المحتلة للعودة اليها ولم يتوقفوا عند هذا الامر ، بل استنفروا اسلحتهم السلمية من اطارات الكوتشوك والمرايا التي عملت على تعطيل حقد قناصة العدو وقتلته باكبر قدر ممكن .

فلا خوف على نضالات الشعوب لتحقيق أمانيها الوطنية لان عبقريتها تنجح دوما في ابتكار اساليب مقاومتها الفاعلة  التي تناسب ارضها وجغرافيتها واوضاع مواطنيها الاجتماعية ، والظروف السياسية السائدة في كل زمان ومكان .

اما عودة غزه فقد اضافت عاملا آخر الى عوامل نجاحها وتاثيرها فقد الهمت كل قوى المجتمع الفلسطيني والعربي الفنية لان تضاعف انتاجاتها الفنية المؤازرة لها ، فوجدنا آلاف المقالات والقصص والتحقيقات الصحفية و القصائد الشعرية والمدونات تكتب وآلاف الصور الفوتوغرافية والأفلام التلفزيونية تلتقط  لتوثق حالة عدالة المقاومة الفلسطينية ، وتبرز الحق الفلسطيني ، وتفضح العنصرية الصهيونية والتواطؤ العربي والدولي .

ووجدنا مهرجانا من الخطوط الكريكاتوريه واللوحات الفنية ترسم لتجوب صفحات الصحف والمواقع الالكترونية ، وصفحات التواصل الاجتماعي فتعزز رسائل الوسائل الأخرى في مناصرة حق العودة  الفلسطيني بحالة من تحريك الالهام و المشاعر لأعداد لا محدودة من الفنانين والإعلاميين والشعراء والأدباء ، ماكانت لتكون لولا ان عبقرية المقاومة الشعبية الفلسطينية قد ابدعت في ابتكار اسلوبها المقاوم الذي حظي باعجاب ومساندة كل شعوب الارض المحبة للعدل والحق والسلام .

مقالات ذات صلة