الانتماء المكسور”!. أحمد حسن الزعبي

نندهش، ننزعج ، نتألم، نستهجن،ننتقد،نشتم،نطلق راجمات اللوم ، لكن ولا مرّة حاولنا البحث عن جذر المشكلة،وفيروس الوجع..

بالأمس انتشرت فيديوهات صادمة من مدرسة الفيصلية الثانوية في مادبا ،حفلة شغب وتكسير للأثاث وعنف لا ضوابط له في أول يوم دراسي ، طلاب الثانوي يشتركون في خلع خشب المقاعد وضربها في الأرض وقلب الدروج العصية على التكسير ،وتحطيم الأضوية ،ورمي البراميل –غير المتفجّرة- من الطوابق العلوية -حتى ان احد البراميل طرح أحد الطلاب أرضاَ- وتخريب إطارات مدير المدرسة والتمرّد على كل النظام التعليمي كرسالة أولى حاولوا ان يخطّوا بها ما يرغبون إيصاله لمعلمّيهم ومجتمعهم وللدولة !
واضح من طريقة التخريب أنها ليست مجرد “زعرنة” طلابية، او مشاغبة بريئة ، واضح أنه حقدٌ يتضخّم تجاه كل شيء، كفر بالقوانين،تحطيم القيم في أول فرصة،وضعف في أولى واجبات المدرسة والأهل “التربية”..

لم أحزن على الخسائر المادية،ولم أحزن على الأثاث المحطم ،ولا على الزجاج المكسور..أحزن على “الانتماء المكسور”، في جيل بعد سنة او سنتين سيكون في الجامعة وربما يفعل ما أهو أكبر من هذا الشغب في أول مشاجرة ،وبعد خمس سنوات سيكون في سوق العمل او رحلة البحث عن عمل وربما يقوم بما يخسّر الوطن أكثر من ثمن مقعد أو زجاجة “نيون”..ولو استلم مكاناً قيادياً في المستقل فهو مؤهل على تخسير الوطن ألاف أضعاف ما قام به في زمن الثانوية الأولى..
المشهد جداً مرعب ، وجداً غريب..وعلى وزارة التربية قبل ان توقع العقوبة او استدعاء الأهالي او تحويل القضية إلى الحاكم الإداري أن تجلس مع الطلاّب وتسألهم ” لم فعلتم هذا؟” فقط..خذوا الجواب وادرسوه وحللوه وعالجوه..واعفوا عنهم..
نعرف أن العنف هو ابن الإرهاب الأصغر ، اذا ما كبر دون معالجة او تعديل سلوك سيصبح مثل أبيه الذي يقتدي ، العنف إيذاء فرد لفرد، أو مجموعة لفرد، أما الإرهاب فهو عنف تجاه مجتمع ووطن بأكمله..
أخيراً يؤسفني أن أقرأ عن وزارة التربية والتعليم بأنها تتوعد الطلاب المخالفين بأقسى العقوبات..كان الأجدر بها أن تعود إلى أبجديتها الأولى “التربية” وتعرف : لماذا قام الطلاب بهذا السلوك؟؟!!..صدقوني هم ضحايا لتبدد القيم وتشويش معنى الانتماء للمكان والوطن..الشَّغب يكسر “أثاثاً”..أما غياب “الانتماء” فيكسر وطناً…

بتّ خائفاً أكثر من أي وقت مضى!

مقالات ذات صلة