الضمان وأمواله

لعبت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي دورا حيويا في إدارة وتنظيم الشؤون المتعلقة بمدخرات نهاية الخدمة ، وإصابات العمل للموظفين والمستخدمين وأرباب العمل ، والمغتربين ، وفئات كثيرة أخرى تغطيها مظلة الضمان الاجتماعي .

وفي الوقت الذي يقدر لهذه المؤسسة تطورها المطرد ومواكبتها لشؤون العمل وحقوق المشتركين في خدماتها بشكل يسهم في ضمان شيخوخة محترمة وظروف حياة كريمة ، فإن ثمة هواجس ، وقلق ، ومخاوف تساور العديد من الأردنيين حول طريقة استثمار أموال الضمان الاجتماعي الذي يضطلع بها ‘صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي’ كهيئة منبثقة عن المؤسسة العامة للضمان.

ما نطالعه على الصفحة الخاصة بالصندوق يشير إلى العديد من الاستثمارات الخاسرة مثل استثمارات الضمان في الملكية الأردنية ،وبعض البنوك ، وسوق عمان المالي وحتى بعض المؤسسات السياحية ، ويكفي الإشارة هنا إلى أن خسائر الصندوق الضمان باستثمار الأسهم بلغ 317 مليون دينار في الفترة 2010 – 2013.

وأن خسائر الاستثمار العقاري بلغت قيمتها 19 مليون دينار ومليون دينار في الاستثمار السياحي و 160 مليون دينار في الدخل الشامل. أما في مجال العقارات فيبدوا أنه المجال الوحيد الذي يظهر فيه تحقيق أرباح تقديرية على الرغم من المبالغة في هذا التقديرات للقيم السوقية للعقارات والأراضي.
ما يقلق الكثير من الأردنيين هو الأزمة المالية والتحديات الاقتصادية التي تعصف بالحكومة الأردنية والهواجس التي تنتاب المحللين الاقتصاديين والمشتركين في الضمان الاجتماعي من المآلات الاقتصادية الكارثية ، ومن الخيارات المحدودة جدا أمام صناع القرار الحكومي لتلافي حدوث انهيارات اقتصادية لا سمح الله ، خصوصا وأن المديونية بلغت نسبتها 94%إلى الناتج المحلي الإجمالي ، وعجز مطرد للموازنة يصعب ردمه ولا حتى في رفع الأسعار عن السلع الأساسية.

يا ترى أمام توقف المنحة الخليجية ، وأمام تراجع المساعدات الأجنبية ، وأمام احتمالات تراجع المساعدات الخارجية ،وفي ظل توقف انسياب السلع ، وانخفاض الصادرات الأردنية للخارج يا ترى كيف يمكن للحكومة الأردنية أن تتصرف ونحن نرى لعابها يتدفق على مدخرات قدرها تسعة مليارات ونصف من الدنانير في صندوق استثمار الضمان الاجتماعي؟ومما زاد من قلق الأردنيين على أموال الضمان الاجتماعي ما جاء في قرار ديوان تفسير القوانين الصادر بتاريخ 21-3- 2018من عدم وجود حاجة لصندوق استثمار أموال الضمان لأ خذ موافقة من أي جهة مرجعية أخرى بما فيها مجلس إدارة مؤسسة الضمان.

كثير من الأردنيين لم يعودوا يثقون بممارسات الحكومة وتصرفات شخوصها فقد وثقنا برئيس الوزراء السابق ووعوده ونظافة إدارته وفريقه لنكتشف أنه قد حصل على تذاكر سفر مجانية مدى الحياة من الملكية الأردنية التي توصف موازنتها بأنها متهالكة وأن خسائرها تجاوزت 75% من رأسمالها في حين أن معظم شركات الطيران في العالم تحقق أرباحا طائلة؟

كيف يمكن أن نثق بالحكومة وقد رأينا أنه ما امتدت يد الحكومة إلى شركة أو نشاط اقتصادي إلا وأفسدته أو نكبته؟ ويكفي أن نشير بأن سعر سهم الملكية اليوم بلغ 45 قرشا في حين أن هذه الأسهم تم طرحها للاكتتاب قبل بضع سنوات بسعر 230 قرشا للسهم الواحد فما مرد هذا الهبوط إلا الإدارات الفاسدة التي تتدخل الحكومة في تعيينهم نظرا لأنها تمتلكك 77% من أسهم شركة طيران لا تمتلك لا المطار على الأرض ولا الطائرات في الجو؟
المخاوف الكبيرة التي تساور عدد معتبر من الأردنيين المشتركين في الضمان الاجتماعي تتمثل باحتمال أن تمتد أيادي الحكومة غير البيضاء إلى أموال الضمان الاجتماعي لمعالجة أزمتها الاقتصادية والمالية مما يخاطر بإمكانية ضياع هذه الأموال وتهديد مصالح وحياة الكثيرين ممن وثقوا باستقلالية مؤسسة الضمان الاجتماعي وكفاءة القائمين على صندوق استثماراتها . ومما أجج مثل هذه المخاوف هو ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي من تصريحات لسيدة استقالت من البنك المركزي قبل ما يناهز العام تدعي من خلالها أن رصيد الحساب الخاص بصندوق الضمان الاجتماعي تم التصرف به بوجه غير قانوني وتتحدى السيدة التي لم تفصح عن اسمها بأن يقوم كل من مدير صندوق استثمارات أموال الضمان الاجتماعي أو محافظ البنك المركزي بنفي هذه الأنباء وإظهار القيم المالية الحقيقية لرصيد الصندوق ، ومكان وجود هذه الرصيد.

الأخطر في الموضوع هو إدعاء السيدة بصدور توجيهات بالتصريح بوجود الرصيد في حساب لدى البنك ودون تحديد القيمة لأن الحساب لا يحتوي إلا على مبالغ صغيرة لا تتعدى عشرات الملايين من مجمل الأرصدة البالغة تسعة مليارات ونصف من مدخرات الأردنيين.
وفي الوقت الذي لا يمكن الركون فيه إلى تصريحات موظفة سابقة دون أن تعلن عن اسمها ، وموقعها في البنك المركزي ، والأدلة التي بحوزتها ، وتدعم تصريحاتها ، فإن على القائمين على استثمارات صندوق الضمان وعلى وزير العمل بصفته رئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمان، ورئيس الوحدة الاستثمارية أن يقوموا بطمأنة الأردنيين على أرصدة صندوق الضمان وعلى استثماراته في أجواء من المكاشفة والصراحة مستندين بذلك إلى الأدلة والأرقام ،كما نعتقد بأن على عاتق مجلس النواب الثامن عشر أن يتابع ويطلب من الحكومة أن تقدم بياناتها التفصيلية وأن يمحص تلك المعلومات والتصريحات الخطيرة للسيدة التي تركت العمل في البنك المركزي وهاجرت إلى كندا .

مقالات ذات صلة