تقرير المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال” بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة في العمل الذي يصادف يوم 28 نيسان من كل عام

تقدم تشريعي ملموس في مجال السلامة والصحة المهنية

** تزايد إصابات العمل بمعدل (58.9%) بالمقارنة مع عام 2020

** أكثر من نصف مليون عامل و69% من المؤسسات غير مشمولين بالضمان ولا يتم رصد حوادث العمل التي يتعرضون لها

** الرقابة على التزامات السلامة والصحة المهنية تشمل سنويا فقط 5 آلاف مؤسسة من أصل أكثر من 180 ألف مؤسسة عاملة في المملكة

** 4% من الناتج المحلي الإجمالي يضيع نتيجة تكاليف الإصابات

حرير – أصدر المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال” تقريره السنوي بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل الذي يصادف في الثامن والعشرين من نيسان من كل عام، أشار فيه إلى تحقيق تقدم تشريعي ملموس في مجال السلامة والصحة المهنية خلال عام 2023 تم من خلاله معالجة عدد من الفجوات التشريعية والتنظيمية في مجال السلامة والصحة المهنية، وشدد فيه على أهمية استكمال المنظومة التشريعية لضمان تغطية التشريعات للمؤسسات والعاملين في مختلف قطاعات العمل في قانوني العمل والضمان الإجتماعي خاصة العاملين في الإقتصاد غير المنظم، وزيادة قدرة الجهات الرسمية على فرض رقابتها على معظم المؤسسات ومواقع العمل، إضافة إلى ضرورة مواكبة التوسع في أشكال العمل المرنة والعمل عن بعد وإيجاد إطار تشريعي ناظم للعلاقة بين العامل وصاحب العمل، ومن ذلك ما يتعلق بحدود مسؤوليات صاحب العمل عن توفير شروط وبيئة العمل اللائقة والآمنة التي تؤدى خارج مقر العمل، ومسؤوليته تجاه حوادث العمل خلال تأدية هذه الأعمال.

وبين التقرير بأنه قد صدر خلال عام 2023 ثلاثة أنظمة رئيسية للسلامة والصحة المهنية، وهي نظام تشكيل لجان السلامة والصحة المهنية وتعيين المشرفين في المؤسسات، ونظام السلامة والصحة المهنية والوقاية من الأخطار المهنية في المؤسسات، ونظام العناية الطبية الوقائية والعلاجية للعمال في المؤسسات، وهي تتضمن أحكاما متطورة عما كانت عليه الأنظمة السابقة والتي مضى على العمل بها أكثر من 25 سنة دون أي مراجعة.
كما صدرت تعليمات تحديد أنواع الأخطار المهنية في بيئة العمل والإحتياطات والتدابير اللازمة للوقاية منها، وتعليمات حماية المرأة الحامل والمرضعة وذوي الإعاقة والأشخاص الذين يؤدون عملا ليليا، والتي تُلزم صاحب العمل توفير بيئة عمل صحية وآمنة لمن يعملون ليلا، وتعليمات تصنيف وتحديد درجة خطورة النشاط الإقتصادي، وتعليمات تقييم المخاطر في بيئة العمل.

وأشار تقرير المركز الأردني لحقوق العمل إلى البيانات الرسمية الخاصة بالسلامة والصحة المهنية، وبين بأنها تشير إلى أن أعداد إصابات العمل والأمراض المهنية لا زالت تراوح مكانها، بل أنها تزايدت عام 2022 بالمقارنة مع عام 2020 بمعدل (58.9%)، مما أدى إلى ارتفاع الكلف التي تحملتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في تأمين إصابات العمل عام 2022 بشكل ملموس، لا سيما في القطاعات التي تكثر فيها الإصابات عادة، حيث سجلت أعلى إصابات في أنشطة الصحة والعمل الاجتماعي بنسبة (29.9%)، تلاها أنشطة الصناعات التحويلية بمعدل (24.5%)، وأنشطة تجارة الجملة والتجزئة بنسبة (12.1%)، وأنشطة الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي بنسبة (9.5%).

وبين التقرير بأن نسبة الوفيات الإصابية التي وقعت خلال عام 2023 شكلت ما نسبته (1.4%) من إجمالي الإصابات عام 2022، في حين شكلت نسبة (العجز أقل من 30.0%) حوالي (26.1%) من إجمالي الإصابات، و(52.4%) إصابة شافية أكثر من ثلاث أيام، وقد بلغ عدد حوادث العمل لدى المؤسسة عام 2022 (22,861) حادث، كانت أعلى نسبة لحوادث العمل بالرضوض (31.5%) و(21.8%) تسممات حادة وعدوى، وقد بلغ معدل الارتفاع في حوادث العمل بنسبة (8.0%) عن العام 2021.

ونوه المركز في تقريره بأن مجمل هذه المؤشرات تعني أن تدابير الحماية المقدمة من قبل أصحاب العمل ما زالت غير كافية وأن هناك عدم امتثال من قبلهم، كما تؤشر على ضعف فعالية أجهزة الرقابة الحكومية ذات العلاقة بأمور السلامة والصحة المهنية، سواء وزارة العمل أو مؤسسة الضمان الإجتماعي أو وزارة الصحة وغيرها من المؤسسات الرسمية، فهناك العديد من القطاعات العمالية في الأنشطة الاقتصادية ما زالت تشهد اختلالات في محور السلامة والصحة المهنية، فأعداد إصابات العمل والأمراض المهنية لا زالت تراوح مكانها، لذا فلا بد من توجيه السياسات الحكومية نحو عدد من الإجراءات، وعلى رأسها استكمال مراجعة تشريعات السلامة والصحة المهنية وتطويرها، كما شدد على ضرورة العمل على تطوير أجهزة الرقابة والتفتيش وتفعيل أدائها ليشمل كافة المؤسسات وقطاعات العمل المنظمة وغير المنظمة، خاصة وأن المعدل السنوي للزيارات التي يقوم بها مفتشو العمل في مجال السلامة والصحة المهنية معدله بحدود 5 آلاف زيارة، بينما يبلغ عدد المؤسسات العاملة في المملكة حسب دائرة الإحصاءات العامة أكثر من (180) ألف مؤسسة، الأمر الذي يتطلب دعم وزارة العمل بكوادر متخصصة ومؤهلة وبأعداد كافية، واعتماد الوسائل الحديثة للتفتيش وحوسبة أعماله وتفعيل وسائل التفتيش عن بعد وبأقل عدد من الزيارات الميدانية ووضع وتنفيذ القواعد الخاصة بالتفتيش الذاتي للمنشآت، وتكثيف الرقابة والتفتيش من خلال وزارة العمل والفرق الميدانية التابعة لها، وتفعيل العقوبات التي نص عليها الفصل التاسع من قانون العمل بشكل خاص، إلى جانب تكثيف جهود التوعية والتثقيف بشأن الحقوق التي تكفل سلامة العمال وتوفر متطلبات الصحة المهنية ضمن بيئة العمل.

ويلفت التقرير إلى أن الارقام الرسمية الخاصة بالسلامة والصحة المهنية وإصابات العمل وحوادث العمل لا تعكس الأعداد الفعلية لإصابات العمل في الأردن، والتي من المؤكد بأنها أكثر من ذلك بكثير لعدة أسباب، فالعاملون في الإقتصاد غير المنظم الذين تشير التقديرات بأنهم يشكلون ما يقرب من 48% من مجموع العاملين في المملكة هم في الغالب غير مشمولين بالضمان الإجتماعي، كما أن القطاع الزراعي الذي ما زال عاملوه غير مشمولين بالضمان يعتبر عالميا الأعلى في نسب إصابات العمل من بين مختلف قطاعات العمل الأخرى، في وقت لا تزيد نسبة المنشآت المشمولة على 31% من المنشآت العاملة، وأكثر من نصف مليون عامل غير مشمول بالضمان، يضاف إلى ذلك أن بعض المنشآت المشمولة بالضمان تعمد إلى عدم التبليغ عن الإصابات وتفضل تغطية النفقات المترتبة عليها من خلال شركات التأمين بهدف الحفاظ على ملفها نظيفا لدى الضمان الإجتماعي.
وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي أكد التقرير على أنه ورغم صدور نظام عمال الزراعة في عام 2021 والذي شمل عمال الزراعة بموجبه بقانون العمل، وإصدار تعليمات شروط وتدابير السلامة والصحة المهنية في مواقع العمل الزراعي لسنة 2021، التي حددت التزامات صاحب العمل الزراعي بخصوص توفير بيئات عمل آمنة وخالية من المخاطر للعاملين فيها، إلا أنه لم يتم لغاية الآن تطبيق نظام عمال الزراعة ولا هذه التعليمات ولم يتم تفعيل تفتيش العمل على هذا القطاع حتى الآن والذي يعتبر من القطاعات الأشد خطورة في العمل.

مبينا أنه في ظل تعدد الجهات المعنية بالسلامة والصحة المهنية، وتنوع القطاعات الإقتصادية التي تتطلب معالجات خاصة لكل منها وسياسات وبرامج متخصصة تراعي طبيعة بيئة العمل فيها والأجهزة والآليات المستخدمة وأشكال الأخطار التي قد يتعرض لها العاملين فيها للحوادث والإصابات، فما زالت جهودنا غير موحدة وما زالت الشراكة مع القطاع الخاص في أدنى مستوياتها، فغياب التنسيق بين الجهات المعنية يظهر جليا من خلال عدم وجود آليات واضحة للرصد وللتحقيق في حوادث وإصابات العمل بالتنسيق بين الجهات الرقابية والأمنية والصحية، كما أن دور النقابات العمالية والهيئات الممثلة لأصحاب العمل لازال قاصرا في بعديه الاقتصادي والاجتماعي، ولا نكاد نرى لها أي مشاركات سوى في بعض الأنشطة التدريبية.

مقالات ذات صلة