لن يسيل اللعاب

كمال زكارنة

الإغراءات المالية التي تشير بعض وسائل الاعلام الامريكية، الى ان صفقة القرن تتضمنها لتحسين الاوضاع الاقتصادية، في الضفة الغربية وقطاع غزة وبعض الدول العربية مقابل موافقتها على الصفقة المشؤومة، لن تسيل لعاب احد، لان القضية التي تستهدفها صفقة القرن ليس لها ثمن مادي، ولا تباع ولا تشترى، وهي تجمع رموز الدين والكرامة والوجدان واسباب الوجود والبقاء، ولا يمكن ان تتحول الى سلعة تجارية وتدخل ساحات المزاد العلني وتخضع للمزايدات المالية .

يمكن للاقتصاد ان يؤثر بقوة في المواقف السياسية، وان يشكل حافزا قويا من اجل تبنيها، في كثير من الحالات والظروف، الا في الحالة الفلسطينية، فان المساومة الاقتصادية لن تكون ذات جدوى وتأثير، ولن تشكل دافعا ولا ضاغطا لتمرير صفقات سياسية مشبوهة، لان المشكلة وجوهر الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ليس ماليا ولا اقتصاديا، مع ان الاقتصاد يشكل جزءا من هذا الصراع، كون الاحتلال يستغل جميع الموارد الطبيعية الموجودة في فلسطين تحت الارض وفوق الارض، لكن المشكلة والخلاف والصراع في الاساس سياسيّ بامتياز، ولو كان اقتصاديا وماليا فان الحل لن ينتظر قدوم الادارة الامريكية الحالية ووصولها الى البيت الابيض، لان دولة عربية واحدة بامكانها توفير الحلول الاقتصادية رزمة واحدة لو كان الصراع كذلك.
لن ينظر احد الى مليارات الدولارات ذات الاصول العربية، التي يلوح بها ترامب لتمرير صفقته التصفوية، لانها من حيث القيمة المادية لا تساوي حجرا واحدا في اسوار المسجد الاقصى المبارك، ولو كان المال هدفا والبيع وسيلة للوصول اليه، فان الحركة الصهيونية سوف تدفع تريليونات الدولارات للتملك في فلسطين وخاصة القدس المحتلة، لكن انّى لهم ذلك لو فرشوها ذهبا وماسا، كما يؤكد اصحابها الشرعيون، اما الذين هدم الاحتلال بيوتهم او استولى عليها بالقوة، فهم الاكثر تمسكا وتشبثا بالارض التي تحتضن انقاض تلك البيوت.
الصمود الفلسطيني والثبات العربي، وبشكل خاص الاردني والمصري والسعودي، وجميع الدول العربية الشقيقة، والاجماع على موقف واحد وموحد والتمسك بمبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، سوف يفشل جميع محاولات الالتفاف على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وسوف يجبر الادارة الامريكية والكيان المحتل، على الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، والقبول بهذا الحق، ويجب ان يفهم ترامب بأن حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لن يكون بواسطة، وانما باعادة الحقوق كاملة الى اصحابها الشرعيين كما نصت قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة