من يستحق الأجراس؟

يوسف غيشان

حرير- في إحدى القبائل الهنديّة، وتحديداً قبيلة (ناجا)، يتمّ إجبار المرأة على تركيب أجراس صغيرة في أطراف ثيابها، يصدر الرنين عن هذه الأجراس كلّما تحركت المرأة، لذلك فإنّ عليها أن تكون دائبة ودائمة الحركة حتى تصدر الأجراس أصواتها المعروفة، والويل كلّ الويل للمرأة التي تتوقف أجراسها عن الرنين.

يعرف الرجال إذا توقفت الأجراس أنّ المرأة لا تعمل، فيعاقبونها بشدة لكن النساء استطعن تطوير حيلة ذكية عن طريق الجلوس للراحة وتحريك الأجراس بأيديهن، فيطمئن الرجال الذين يحكمون على استمرار العمل بأصوات الأجراس.

تخيّلوا قبيلة كاملة تصحو على رنين الأجراس، حيث تنطلق النساء إلى العمل، هذه تنطلق إلى النهر لتجلب الماء، وتلك تحلب الخراف، وأخرى توقد الفرن، وهذه تعدّ طعام الإفطار …. و هكذا دواليك .

في اللحظة ذاتها، تخيّلوا الرجال في تلك القبيلة وهم يتململون في مخادعهم بكسلٍ مطلق، عقولهم ما تزال نائمة، وما استيقظت منهم سوى آذانهم التي ترقب وترصد أيّ توقف لعمل الأجراس، ومع الزمن صاروا يمتلكون قدرات سمعيّة قوية، لكنهم – بالتأكيد -خسروا الكثير الكثير من قدراتهم وحواسهم الأخرى، وعلى الأغلب فإنّ آذانهم استطالت، وصارت أقرب إلى أذن الحمار.

المرأة …. أيّ امرأة الأم ّ .. الأخت الزوجة الصديقة. إنّك إن راقبت المرأة من الصباح حتى المساء -المرأة التي لا تحمل الأجراس في طيّات ثيابها -تجدها كتلة دائبة العمل، حتى لو كانت لا تذهب إلى العمل.

فهي التي تقوم على إطعام الصغار والعناية بهم، والعناية بالبيت، وتوفير الطعام المناسب والمتنوّع للكبار، ثم تقوم بحماية الصغار والإشراف عليهم طوال اليوم، وترتيب البيت والعناية به، وووووو .. إنّها مجموعة قيم وسلوكات وأدوار وعواطف وأشياء أشعر بالخجل عندما أقوم بتعدادها، لأنني كرجل لا أقوم بايّ شيء، سوى القليل من العمل، ثم أتفرّغ للتنكيد على المرأة.

نحن الذكور من يحتاج إلى أن تقوم النساء بتركيب الأجراس على ملابسهم وتعليقها في أنوفهم وخرزات آذانهم حتى لا يحتالوا عليها، لأننا نحن الكسالى، الذين نتفرغ للتقاتل وإزهاق الأرواح، ونجعل العالم مكاناً يصعب العيش فيه.

المرأة تصنع الحياة ونحن نعدمها.

المرأة تبني ونحن نهدم.

وتلولحي يا دالية

 

مقالات ذات صلة