«عروس» داعش.. رشاد ابو داود

سواء كان اسمها شميمة أو شيماء فليس هذا هو المهم، وليس مهماً ان كانت بريطانية من اصول باكستانية أو كندية أو مغربية او تونسية أو اي جنسية أخرى، هي احدى بطلات وابطال الحلقة الاخيرة من مسلسل داعش، التنظيم الذي خطف الاسلام والبسه عمامة وثوباً قصيراً، ولحية طويلة، ووضع في يده سيفاً يقطع الاعناق، نصب عليه «خليفة» مجهول الاب والام والسيرة ولا يدري احد من أي أرض أتى، ولماذا ؟.

أما «لماذا « هذه، فثمة من يرى أن الحكاية كلها فصل من الحرب الالكترونية الحديثة، مستندين الى ما أوردته هيلاري كلنتون في كتابها « خيارات صعبة « حيث اعترفت بأن الادارة الاميركية قامت بتأسيس مجاميع «داعش» لتقسيم منطقة الشرق الاوسط. وقالت كلينتون «دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وكل شيء كان على ما يرام وجيداً جداً وفجأة قامت ثورة 30/6 – 3/7 في مصر وكل شيء تغير خلال 72 ساعة». وأضافت أنه «تم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 5 / 7 / 2013، وكنا ننتظر الإعلان لكي نعترف نحن واوروبا بها فوراً».
وثمة من يرى أن لا علاقة لاميركا بصناعة داعش بل جاءت نتيجة للتطرف الذي ساد المنطقة أوائل هذا العقد، وللنهج الذي اتبعته السياسة الخارجية الاميركية في عهدي باراك أوباما، وهو ما حدا بدونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية لاتهام منافسته كلينتون بانها مؤسسة داعش وذلك في كلمة ألقاها أمام جمهور من مؤيديه في مدينة دايتونا بيتش التابعة لولاية فلوريدا، في الثالث من اغسطس 2016، بقوله إن السياسة التي كانت تمارسها كلينتون أثناء توليها منصب وزير الخارجية (2009-2013)، أدت إلى قيام تنظيم «داعش» وتعزيز مواقفه في الشرق الأوسط، مضيفاً أنه على «داعش» أن يمنح كلينتون وساما، باعتبارها «مؤسسة التنظيم».
على كلا الافتراضين فان النتيجة واحدة فعلى مدى ثماني سنوات قدمت داعش صورة مشوهة عن الاسلام و المسلمين. تم تداول مصطلح « الدولة الاسلامية « و «الخليفة» ملايين المرات في أجهزة الاعلام واستقرت في ذهن المتلقي باعتباره دولة اسلامية حقيقية، واليوم يعلن ترامب القضاء على دولة « الخلافة» حسب تعبيره، وغداً سيكتب التاريخ : تم الاعلان عن القضاء على «الدولة الاسلامية « في سوريا و العراق في 15 فبراير 2019 !!
أما وقد انتهت «مهمة « من غُرر بهم من بقايا داعش فانهم أصبحوا عالة على الدول التي جيء بهم منها واغلبهم من البارات و المراقص ومدمني الحشيش وتم غسل ادمغتهم بوعود الجنة والحور العين، وها هو ترامب يطالب حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين باستعادة المئات منهم، وكتب على «تويتر»: «تطلب الولايات المتحدة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين استعادة أكثر من 800 من مسلحي «داعش» الذين أسرناهم في سوريا وتقديمهم للمحاكمة… «الخلافة» على وشك السقوط… البديل ليس بديلاً جيداً؛ إذ إننا سنضطر إلى إطلاق سراحهم».
ويبدو ان ترامب يلعب بورقة داعش في الضغط على اوروبا على طاولة الخلافات الكبيرة بشأن عدة قضايا بقوله ً: «الولايات المتحدة لا تريد أن تقف وتشاهد مقاتلي التنظيم المعتقلين في سوريا يتغلغلون في أوروبا التي من المتوقَّع أن يذهبوا إليها. نفعل الكثير وننفق الكثير… حان الوقت كي يتحرك الآخرون ويقوموا بالمهمة التي هم قادرون تماما على الاضطلاع بها. ننسحب بعد تحقيق انتصار بنسبة مائة في المائة على الخلافة».
في الأيام القليلة الماضية لم يهدأ الجدل المحيط بالمراهقة البريطانية شيماء أو شميمة بيجوم، التي هربت للانضمام إلى داعش عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، بسبب رغبتها في العودة لوطنها هي وطفلها، بعد أن وضعته الأحد الماضي في أحد مخيمات اللاجئين السوريين.
ولم تتوقف عائلة شميمة بيغوم عن مناشدة السلطات البريطانية للموافقة على عودتها لبريطانيا، وقالت شميمة التي عرفت باسم «عروس داعش « لشبكة «سكاي نيوز» إن «السلطات البريطانية ليس لديها أي دليل ضدها للقيام بأي شيء خطير»، رداً على مخاوف أنها قد تشكل تهديداً أمنياً، حسب قولها، وذكرت أنها كانت «مجرد ربة منزل» خلال الأربعة أعوام التي قضتها في صفوف «داعش»، حيث تزوجت من مقاتل هولندي يدعى ياغو رديجك عقب ثلاثة أسابيع من وصولها معقل داعش في مدينة الرقة السورية عن طريق تركيا.
شميمة ليست الوحيدة بل واحدة من عشرات و ربما مئات، فقد قالت ثلاث كنديات معتقلات في شرق سوريا، وهن أرامل «داعشيين « نقلوهن من كندا إلى سوريا، إن أزواجهن أجبروهن على السفر إلى مناطق التنظيم. وبينما رفضت اثنتان إعلان اسميهما، وافقت الثالثة، درة أحمد 29 عاماً، على نشر اسمها، وكانت طالبة في دراسات الشرق الأوسط في جامعة في كندا، وقالت الثلاث لتلفزيون «سي إن إن» إن ازواجهن أجبروهن على الانتقال إلى سوريا.
وكانت الثلاث، مع عشرات من نساء وأطفال من دول أخرى، قد وصلن إلى معسكر النساء والأطفال حيث يحتجزن، في شاحنات يقودها مقاتلون مع «القوات الديمقراطية السورية»، المدعومة من أميركا.
لكل من هؤلاء قصة لكن قصة داعش ستبقى لغزاً.
/بالتزامن مع «البيان»

مقالات ذات صلة