​”بابل قديح” أول فتاة غزية تختص بصيانة هواتف النساء

داخل أروقة منزلها المتواضع تتخذ بابل قديح (19 عامًا) ركنًا خاصًّا بها لصيانة الهواتف الذكية من مختلف الأصناف، من الجانب البرمجي، أو تغيير القطع الإلكترونية، وتحديدًا المتخصصة بالنساء.

على صِغر ذلك الركن وضعت به مكتبًا لها وأدواتها الخاصة بالصيانة، وتبعثرت عليه الأجهزة الذكية هنا وهناك، فكانت منهمكة في تصليح وبرمجة أحد الهواتف الذي أحضرته فتاة اختارت “بابل” لكونها الأكثر أمنًا.

حُب “بابل” لذلك التخصص وشغفها به جعلاها تبحث في كل خباياه والاطلاع أكثر على جميع جوانبه، لتنال التميز والإبداع، لكونها أول فتاة غزية تتخصص في مجال صيانة الهواتف الذكية، وتحديدًا الخاصة بالنساء.

فحين يتعطل هاتف لعائلتها في البيت تحاول إصلاح المشاكل التي حلّت به، نظرًا لحبها ذلك المجال، تقول: “كان لدي شغف كبير بمجال صيانة الهواتف الذكية، لذلك خضت في كل تفاصيله”.

ثم تُكمل حديثها لمراسل صحيفة “فلسطين”: “بحثتُ عن أي تخصص يهتم بذلك، فلجأت إلى تكنولوجيا الهواتف النقالة في جامعة الأزهر، هنا بدأت أطوّر نفسي أكثر فأكثر”.

“بابل” لديها علم ودراية في صيانة كل الأجهزة الذكية، لكنّها اختارت التخصص في مجال برمجة الهواتف، وتحديدًا الهواتف الخاصة بالنساء والفتيات، لتكون الأولى على مستوى محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، حسب كلامها.

وتوضح أنها اختصّت في مجال تصليح هواتف النساء، من أجل الحفاظ على خصوصية المرأة وأسرارها، لتكون أكثر طمأنينة على هاتفها وما بداخله، حال احتاج إلى صيانة، لاسيّما “أن المجتمع الفلسطيني محافظ”.

اختصاص “بابل” كان فرصة سانحة للفتيات للجوء إليها، ليكن أكثر اطمئنانًا على خصوصية هواتفهن، فوفق ما تؤكد لاقت إقبالًا كبيرًا منهن.

ولم تُخفِ تشجيع عائلتها لها -وخاصة والديها- ووقوفها إلى جانبها وتقديم الدعم الكامل لها، للاستمرار في تخصص صيانة هواتف النساء، وما زاد الأمر حبًّا إليها هو تشجيع مدرسيها في الجامعة على التميز أكثر في ذلك المجال، حسبما تروي.

وتستخدم “بابل” بعض أدوات وأجهزة الصيانة المتواضعة، مثل: “الحاسوب الشخصي، وبرامج الصيانة، والهوت، وساعة الفحص”، التي تلبي احتياجات الوافدين إليها من الزبائن، وتعرب عن أملها في أن يكبُر مشروعها وتتوافر كل الأجهزة اللازمة لها.

وعن أبرز المعيقات التي تواجهها تقول: “أعاني قلة الإمكانات المتاحة، وصعوبات في التدريب العملي، لكوني فتاة، وجميع المختصين في هذا المجال هم من الشباب”.

وتتابع بابل: “طموحي كأي شاب فلسطيني يحلم بتحقيق ذاته وخدمة مجتمعه، ويحقق استقراره الاقتصادي”.

وتطالب المؤسسات المعنية، ووزارتي المرأة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتوفير الدعم الكامل لمشروعها، ومساعدتها على تطوير وتوسيع مشروعها، داعيةً أيضًا شركتي جوال وأوريدو لدعم ورشتها الصغيرة في البيت.

وتختم “بابل” حديثها بقولها: “أحلم بأن أصبح صاحبة ورشة مستقلة خاصة بي، تهتم بصيانة الهواتف الذاكية لخدمة جميع أفراد المجتمع، وخاصة فئة النساء”، مؤكدةً أنها ستسعى إلى تطويرها في المرحلة المُقبلة، رغم المُعيقات التي تواجهها، من حصار مفروض على قطاع غزة، وسوء الأوضاع الاقتصادية.

ووجهت شكرها لكل الوسائل الإعلامية، وخصّت صحيفة “فلسطين”، التي اهتمت بتسليط الضوء على مجال عملها.

و”بابل” واحدة من عشرات الشبان والفتيات المبدعين في قطاع غزة، الذين يسعون إلى الانخراط في سوق العمل، باستثمار طاقاتهم العقلية والعملية، بإنشاء مشاريع مستقلة.

مقالات ذات صلة