عدم اﻻعتراف بالخطأ خطيئة
سأتحدث اليوم عن مفهوم سائد ينطلق من مقولة، من ﻻ يعمل ﻻ يخطئ … . وكأن العمل مآله الخطأ .. هذا ليس صحيحا بإستناد للعديد من الركائز الفكرية او التماهي في قبولنا أمثالٍ تؤدي بنا في كثير من اﻻحيان إلى إعتكاف عن الحركة والعمل تحت حجة نحن نعمل اذا نحن نخطئ..
ولكن اذا حاولنا الفصل بين الفعل والفاعل، وبين مدرك اﻻنسان وجهله يتبين لنا الموضوع اكثر وضوحا وتصويباً … صحيح أننا بشر، وكلنا معرض للخطأ، ولكن عندما يتجاوز ذلك إلى الخطيئة، هنا ﻻ بد لنا ان نستدل وبشكل اعمق على ماهية هذا اﻻنسان وآلية تغكيره وفهمه لحياته…. فالذنب عن قصد او غير قصد هو ذنب في القانون الوضعي ويأخذ طابع التعدي على ما ﻻيملك وفي اكثر من شكل ووضع وفي الحالتين هي معصية غير معقلنة ومعترِضة على كل القوانين الروحية والمادية وغيرها، من خﻻل استباحة واختراق وتجاوز الحد والتعدي على اﻻخر او العبث في حياته وفكره وجسده على الشكل الذي يُرضي مصالحه، فتكون هذه الخطيئة مصدر اﻻساءة لصاحبها اوﻻً ، ومن ثم لغيره بعلم او بغير علم … من هنا ﻻ بد من ان نشير الى صفات اﻻشخاص وطبيعة امعانهم في ارتكاب الخطأ وهذا يتعلق بتركيبة شخصياتهم خاصة المتنمردة والفارغة من اي مضمون توعوي، والتي تأخذ طابع التكبر المجوف واﻻستعﻻء ورفض ما انعم الله عليه من مقومات وجود، فيصبح هذا الفرد من البشر اسير وساوسه التي تتحكم بعقله لتدفع به الى لحظة العماء والتي طالما ﻻزمته، فيمعن بإرتكاب الخطأ وفي نفس الوقت يقنع نفسه انه على صواب .. و هذه النماذج البشرية كثيرة في مجتمعنا وخاصة من يستسهل الوجود بما هو قائم وﻻ يرى في خطيئته امرا عظيما ليستمر بتراكم الخطأ واستسهاله بحيث يفقد المقدرة على اصلاحه او تلافيه، ويبدأ بالتخبط او سلوك اﻻعوجاج في تبريره لأفعاله وهنا الطامة الكبرى التي تؤدي به الى الهاوية وهو يظن انه في اعلى القمة .. صحيح ان اﻻنسان غير كامل والكمال كل الكمال للمُطْلق اﻻزلي، لله عز وجل، ونحن دائما في حالة الحوج الى اﻻفضل بكل شيء . وصحيح اننا لوﻻ الخطأ لم ندرك الصواب، ولكن ماذا لو استفحل بالبعض الغباء والجهل واﻻدعاء ولم يستفد او يأخذ من خطئه منطلقا للتصويب، هنا يصبح السؤال .. ما قيمة العقل والفكر والعلم والتبصر؟ ام ان كل ذلك يختفي بلحظة العجز عن قراءة الغد المختلف عن اﻻمس، انطﻻقا من مقولة من تساوى يوماه فهوى مغبون. هل حاول كلٌ منا ان يجري محاكمة ﻻفعاله وسلوكه ليؤسس ويبني على الشيء مقتضاه ..؟
اختم أقول من ﻻيخطئ ﻻ يصيب وهذا يعني ان الخطأ سمة لبشرية محكومة بالنوايا ولكن عدم اﻻنكفاء عن الخطأ هو الجريمة اﻻكثر اثرا بل هي الخطيئة الكبرى بعينها. إن الجرأة العلمية المحسوبة والمدروسة واﻻقدام على مواجهة انفسنا وعدم اﻻختباء وراء اصابعنا وحدها السبيل ﻻستمرار الحياة وبدونها ﻻحياة لبشر بقدر ماهي هي حظيرة لبهائم ….
ســـــــنا فنيش- بيروت