هكذا يعيش الأردنيون؟!

فارس الحباشنة

مناطق من الشق الشرقي تصنف على خرائط المدينة بانها ملاذ للفقراء. حسابات المعيشة بدأت تتغير، والناس يلامسون يوميا فروقا متطايرة بالاسعار. هاهي اسعار كل شيء من سلع ومواد غذائية وخدمات ترتفع بشكل جنوني، ووحدها القدرة الشرائية تنعدم وتنخفض، وحتى أنها ببعض الاوقات من الشهر تصل الى حد «الصفر». الناس يخترعون حيلا واساليب للتأقلم مع الظروف الاقتصادية الجديدة بشدة قسوتها وضنكها، فهذه سيدة في الخمسينيات «ربة أسرة»، تشتري كوسا من سوق الخضار، وقد أبلغها التاجر أن الكليو الواحد بدينار ونصف الدينار، وسألتها كم ستكلف «الطبخة»؟ فاجابتني بضحكة خفيفة صفراء: «يعني تفكر أني راح أحشي الكوسا لحمة مثلا». واضافت بسخرية: «ولا أطيب من الرز بدون لحمة». موجة الغلاء اجتاحت الاسواق، ويندر أن تعثر على سلعة لم يطلها الارتفاع الجنوني، فحتى الاسواق الشعبية والتي يقصدها الفقراء ومحدودو الدخل واصحاب الامكانات المحدودة دب بها الغلاء بشكل فاجر، فلم تعد تسمع عن بيع بالكمية، المواطن مع شدة الغلاء صار يبتدع اساليب للتكيف مع الواقع الاقتصادي والمعيشي الجديد. سيدات وربات منازل يتوافدن مبكرا الى أسواق شعبية، يتجولن مرات ومرات، حائرات في مقارنة الاسعار، وبحثا عن فارق ولو ضئيل بالاسعار من محل وبسطة الى اخرى. احدى السيدات قالت: لا أجد بدا من الانتظار ساعة بحثا عن سعر أقل، فقد توفر في فاتورة الشراء اليومية او الاسبوعية أكثر من دينارين، وتجد أن هذا الفارق قد يذهب لشراء حاجيات اخرى. الاسواق الشعبية تجد أن قاصديها من ميسوري الحال أيضا، لم يعد هناك فارق طبقي وسطي في المجتمع الاردني، فاما غني وشديد الثراء أو فقير وهي الطبقة الاكثر اتساعا في عرض المجتمع، وتمتد عاموديا وافقيا في المدن والارياف والبوادي. الفقر لم يعد يميز جغرافيا، علامات ومظاهر ضيق الحال تدل عليه بوضوح، وخصوصا عندما تسمع ما يتسرب من حوارات حول البسطات، وما تتهامس به السيدات عن القدرة والعجز المعيشي، وعندما تلامس بوضوح التردد والاكتفاء والهروب باحيان عن الاستفسار عن حاجات تعتبر رئيسية واساسية في البيت، وحتى لا تقع في حرج وخجل السؤال عن السعر والكلفة والشعور بالالم والعجز.

مقالات ذات صلة