زيارات الملك… الأبعاد والدلالات

 

نقلا عن جريدة الدستور ـ محرر الشؤون الوطنية

ثلاث فعاليات رئيسة كانت الأكثر بروزا خلال الفترة الماضية عكست بالدليل القاطع فاعلية الأداء والحراك النشط الذي يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني على صعيد تعزيز علاقات التعاون والشراكة الاقتصادية والإنمائية مع الدول الشقيقة والصديقة وكذا تمتين جسور التواصل والتفاهم مع الأطراف المؤثرة على المستويين الاقليمي والدولي، حيال ما يتصل بالأوضاع والتطورات التي تشهدها المنطقة وما يتولد عنها من احتقانات وتداعيات سلبية على واقع الأمن والاستقرار في هذا الجزء الحساس من العالم.
وبالتأكيد، لم يكن من باب المصادفة أن تجتمع عدة أبعاد في تلك الفعاليات الثلاث المتمثلة في زيارة عمل إلى جمهورية باكستان الإسلامية، وزيارتة الرسمية، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تأتي في إطار التواصل الدائم والتشاور المستمر بين الاشقاء حول ما يهم العلاقات بين البلدين الشقيقين وكذا زيارة دولة إلى جمهورية الهند وما حملته تلك الزيارة من تعبيرات عن حميمية العلاقات الاردنية – الهندية، وما تشهده هذه العلاقات من نمو متصاعد في ظل الرعاية التي تحظى بها من قبل القيادتين السياسيتين في البلدين وتناولت سبل تعزيز العلاقات بين الأردن والهند فى مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، اضافة إلى التطورات الراهنة إقليميا ودوليا وانعقاد منتدى الأعمال الأردنى الهندى الذى عقد بمشاركة رجال أعمال ومستثمرين وممثلي الشركات من كلا البلدين، واخيرا زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى هولندا.
وإذا ما أمعنا النظر في هذه الزيارات فإننا سنجد أن لها ثلاثة ابعاد رئيسة يأتي في مقدمتها البعد الداخلي يليه بعد إقليمي وثالث دولي.
فكما تعودنا من جلالة الملك في مثل هذه الزيارات أن يكون الشأن الداخلي محوراً أساسياً في أجندة تحركاته وبالذات ما يتعلق بالمجالات المرتبطة بالنهوض التنموي الشامل والتي يتم بحثها في إطار التعاون المشترك بين الاردن والدول الشقيقة والصديقة، فالاردن يرتبط بعلاقات تعاون متميزة مع هذه الدول وبالذات في الجوانب الاستثمارية والاقتصادية والتجارية والثقافية والصحية وغيرها من خلال العديد من الاتفاقيات وبروتكولات التعاون المشترك ومن شان هذه الزيارات تفعيل وتحريك تلك الاتفاقيات لتعود ثمارها لصالح الشعب الاردني وشعوب تلك البلدان.
أما مدلول هذه الزيارات في بعدها الإقليمي، فإنها تأتي في ظل تحديات خطيرة تمس الأمن القومي العربي، وتطورات على صعيد القضية الفلسطينية.
ولا شك أن البعد الثالث لهذه الجولة وهو الدولي متداخل مع البعدين الأول والثاني ما يؤكد تشابك المصالح وتأثير الأحداث مهما كانت محلية أو إقليمية أو دولية على بعضها البعض في هذا العصر الذي أصبح فيه العالم عبارة عن قرية صغيرة.
وفي ضوء هذا الحراك النشط لجلالة الملك يشكل الشأن الداخلي محوراً أساسياً في أجندة تحركاته إلى جانب الحرص المتبادل على تنسيق الجهود تجاه القضايا المرتبطة بعوامل الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وصولا إلى ما يحقق السلام العادل والشامل على أساس من الإنصاف.
وأصبحت الفاعلية والإيجابية المتجددة والمتطورة واحدة من سمات الجهد الملكي بفعل حرص جلالته وسعيه الناجح لبناء علاقات جديدة على القواعد الاقتصادية باعتبارها المصدر الحقيقي والدائم لتزويد ورفد العلاقات بعناصر الحيوية والتجدد المستمرين.
وليس أدل على ذلك من تصدر الاقتصاد والاستثمار لجدول القضايا التي تتناولها مباحثات جلالته رغبة في إنجاز النموذج الإنمائي المطلوب للمشروع الحضاري والإنساني المبني على إحلال وتكريس مبدأ الشراكة الاقتصادية وجعلها محور ارتكاز لخلق التنمية المستدامة على المستوى الدولي.
وتكتسب زيارة جلالة الملك إلى هولندا،أهمية خاصة من حيث توقيتها او البرنامج المعد لهذه الزيارة وكذلك منتدى الأعمال الأردنى الهولندي الذى يعقد بمشاركة رجال أعمال ومستثمرين وممثلى الشركات من كلا البلدين حيث لقاءات جلالتة مع جلالة الملك ويليام الكسندر وجلالة الملكة ماكسيما، والمباحثات مع رئيس الوزراء الهولندي، ورئيسة مجلس الشيوخ ورئيسة مجلس النواب اضافه الى لقاء جلالته مع عدد من ممثلي المؤسسات المعنية بمجالي الأمن والدفاع، ومجموعة من قادة الأعمال في هولندا وايضا لقاء مع مجموعة من الطلبة من هولندا ودول أخرى، المشاركين في برنامج لاهاي الدولي لطلاب الجامعات الذي تنظمه بلدية لاهاي بالشراكة مع جامعات هولنديه.
ومن حيث اهمية التوقيت للزيارة إلى جانب ما يمتاز به جلالة الملك من انتهاج سبيل الالتزام المبدئي بطرح مختلف القضايا على بساط الشفافية والصراحة في التناول وبخاصة تلك الأحداث والتطورات الإقليمية والدولية الساخنة بما تنطوي عليه من تداعيات وتهديدات تمس بالخطر متطلبات الوئام الدولي.
في هذا الصدد فإنه يمكن الاستدلال على فاعلية وإيجابية هذه الزيارة من كونها تركز في محاورها على بعدين أساسيين يتعلق الأول: بمسألة تطوير العلاقات الثنائية والشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين الاردن وهولندا، في ضوء التقدم الذي أحرزه الاردن في ميادين الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والإدارية.
أما البعد الثاني في هذه الزيارة فإنه ينصب على تفاعلات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والإفرازات السلبية الناتجة عن التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لأبشع أنواع التنكيل والبطش والإرهاب والاعتداءات المتكررة من قبل قوات الاحتلال.
وأمام هذه النقطة تحديدا فلا شك أن الأصدقاء في هولندا على وجه خاص، ومسؤولي الاتحاد الأوروبي بشكل عام يحرصون على الإصغاء لمضمون الرؤية الاردنية التي يطرحها جلالة الملك حيال ما يتعلق بالأسباب الكامنة وراء تنامي حلقات الصراع العربي الإسرائيلي والسبل الموصلة إلى الحل العادل والشامل لهذا الصراع.. والدور المعول على المنظومة الأوروبية في إخراج هذا الصراع من دائرة المراوحة إلى مسار الانفراج، وذلك عبر تطبيق قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات التي تم التوصل إليها في الفترات السابقة لمعالجة بواعث الصراع وتمكين الشعب الفلسطيني من استرداد أرضه ونيل حريته وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وإذا كنا في الاردن نعول كثيرا على ما ستتمخض عنه هذة الزيارة من نتائج مثمرة، سواء في ما يتعلق بتعزيز مجريات التعاون الثنائي وتوسيع آفاق الشراكة الاستثمارية والاقتصادية مع هولندا والمجموعة الأوروبية، فإن العرب – ونحن منهم – يتطلعون بالكثير من الأمل في أن تسهم هذه الزيارة في إنعاش الجهود الأوروبية بصورة نوعية باتجاه إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني من خلال الضغط على اسرائيل وإرغامها على القبول باستحقاقات السلام العادل والشامل.
وفي الواقع فان الاستثمارات الاقتصادية تلعب في الاردن الدور الريادي في ترسيخ قواعد الشراكة الاقتصادية إلى جانب الأشكال الأخرى الراقية للتعاون الثنائي، وحدث أن تمكنت هذه الشراكة أن تنتج شواهدها الإيجابية والنموذجية وتقيمها على نطاق واسع.
ويتموضع الجانب الاستثماري ضمن أولويات ومكانة الصدارة لأجندة وأهداف زيارات جلالة الملك وتنعقد على نتائجها الإيجابية المتوقعة الآمال المشتركة للانتقال بعلاقات الصداقة والتعاون إلى مراحل أرقى ومزدهرة بتجليات ومردودات الشراكة الإنمائية.
والآمال معقودة أيضا على موضوعية وعدالة الرؤى والمواقف الدولية تجاه التداعيات التي تعتري أوضاع منطقتنا في إيقاف النزيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده والحيلولة دونها والتدهور أو الانهيار الشامل غير المحصور عليها في انعكاساته الضارة.
وعلى أرضية من هذا النوع يمكن بناء التقديرات الحقيقية لما يمكن للعلاقات الاردنية مع المجتمع الدولي أن تحققه من إنجازات ومكاسب على سبيل التعاون الاقتصادي والشراكة الحضارية على مساحة الخارطة الدولية بمفرداتها ومكوناتها المختلفة.
شكل توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة الحيز الاكبر من اهتمامات جلالة الملك عبدالله الثاني انطلاقا من رؤيته الثاقبة وحرصه على ترسيخ العدالة الاجتماعية في توزيع مكتسبات التنمية عبر تلمس احتياجات المواطن ودراسة اوضاع المناطق والأقاليم ومتطلباتها.
وقد حرص جلالته على ايلاء الاستثمار اهمية قصوى من خلال توجيهاته السامية نحو الخطط المستقبلية المرتكزة على الحرص الوطني والمستندة الى حقيقة هامة حملت في طياتها أنه لا بديل عن احداث الإصلاح والتطوير المنشودين.
يبذل جلالة الملك جهودا مضنية للانطلاق نحو اقتصاد قوي ومتين لينعكس بشكل مباشر على المواطن لتحقيق رؤية جلالة الملك في رفع سوية معيشة المواطن من خلال تقوية الاقتصاد امام الاقتصاديات العالمية وجذب المزيد من الاستثمار.
لقد دأب جلالته على بذل الجهود لجعل الاردن بيئة استثمارية جاذبة مكنته من تبوؤ مكانة مرموقة على الصعيدين الاقليمي والعالمي وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى دور جلالته في تأهيل البيئة الاستثمارية كان له الاثر الاكبر في تعزيز برامج الإصلاح الاقتصادي وتعظيم دور القطاع الخاص وتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة تعمل على توفير فرص العمل المناسبة لأبناء الوطن وتأمين مستوى معيشي أفضل لهم.
ومنذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية شكلت مسيرته في خدمة الاقتصاد الوطني عامل خير وازدهار وعطاء متدفق وكانت مليئة بمبادرات خيرة نابعة من رؤية حصيفة وحكيمة تلخصت بقول جلالته « نريد دولة حديثة ذات مؤسسات عاملة، واقتصادا يقوم على تنمية مستدامة واستثمارات في القطاع الخاص تضمنها سلطة قضائية مستقلة «.
ان اهتمام جلالته بمسيرة التنمية الشاملة ترجم إلى إنجازات مشرقة ومتميزة على الصعد السياسية والإقتصادية والتشريعية والإجتماعية والعلاقات الخارجية ما أثمر إنتاجاً وخيراً نافعاً يمكث في الأرض وتشهد عليه الشواهد الملموسة والأعمدة القائمة لدولة حديثة عصرية.
لقد غدا الأردن في مصاف الدول التي يشهد لها الكثير في منطقتنا وفي دول العالم بتطبيق السياسات التنموية المتميزة والتي كان لها الأثر الايجابي الكبير في رفع مستوى معيشة المواطن فالتقدم الملموس تحقق بفضل توجيهات جلالته السامية والمتابعة الحثيثة من جانب الحكومات المتعاقبة فيما يتعلق بتنفيذ المشروعات وإرساء البنى التحتية والفوقية التي تهدف إلى تحقيق رؤى جلالته بالوصول إلى الرخاء الاقتصادي وتوفير العيش الكريم لأبناء هذا الوطن المعطاء في جميع مواقعهم.
اولى الملك جل اهتمامه للشأن الإقتصادي والذي كان على رأس أجندته وبإشرافه الشخصي والمباشر، حيث تقدمت التنمية الإقتصادية والإجتماعية المستدامة، وتحسين مستوى معيشة المواطنين بمختلف شرائحهم ومستوياتهم الإجتماعية على سلم أولوياته، وسعى جلالته إلى استشراف آفاق جديدة لبناء نمط اقتصادي حديث ليصبح الوطن نموذجاً ريادياً وقصة نجاح يحتذى بها في المنطقة والعالم.
وفي مجال النهوض بالاقتصاد الوطني عمل جلالته على تحديد القضايا التي من شأنها النهوض بأداء الاقتصاد الوطني وتحسين كفاءة أداء المؤسسات وجودة خدماتها بغية رفع مستوى معيشة المواطن، حيث كان جلالته يقوم بجولات متابعة شخصية للوقوف على عمل المؤسسات الحكومية وبشكل خاص المستشفيات وكيفية تقديم خدماتها للمنتفعين ومدى رضى المواطن عنها.
كما اولى جلالته عناية خاصة لحل مشكلات هيكلية في الإقتصاد الأردني وأهمها تقليص العجز في الموازنة العامة، وتخفيض عبء المديونية ولا سيما الخارجية منها، وترسيخ الاستقرار المالي والنقدي، وتوطيد الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتوفير الإطار التشريعي المؤسسي والتنظيمي والرقابي الجاذب للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية المباشرة، وتبني سياسة الانفتاح الاقتصادي والاندماج في الاقتصاد العالمي.
لقد ركز جلالته على تعزيز إنتاجية وكفاءة الاقتصاد الوطني من خلال إيجاد قطاعات اقتصادية جديدة واعدة محركة للنمو الاقتصادي كالإقتصاد المعرفي وتكنولوجيا المعلومات، وتسريع برامج الإصلاح الإقتصادي وعمليات التخاصية وتفعيل دور ومساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.
كما واولى جلالته اهتماما مميزا بالاستثمار في تنمية الموارد البشرية خاصة في قطاعات التعليم والتدريب وتوطين التكنولوجيا الحديثة وتبني استراتيجية للتقليل من الأثر الاجتماعي السلبي الذي يرافق عملية الإصلاح والحد من معدلات الفقر والبطالة وتوسيع شبكات الأمان الإجتماعي وإدماج المرأة وإعطائها دورًا كاملاً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المملكة.
ولاشك في ان ما يتمتع به الاردن من امن واستقرار سياسي واجتماعي واقتصادي جعله ملاذا آمنا للاستثمارات العربية والأجنبية على حد سواء فقد تمكن الاردن من خلال الجهود التنموية التي بذلها في السنوات الماضية، والتي جاءت انعكاسا لتوجيهات ورؤى جلالة الملك عبد الله الثاني، من إحراز تقدم ملحوظ في اغلب مؤشرات الأهداف الإنمائية للألفية.
وغني عن البيان أن بقاء الحراك الاستثماري يعود بالدرجة الأولى إلى الدور الكبير الذي يقوم به جلالته في التعريف بالبيئة الاستثمارية في الأردن وجذب الاستثمار، حيث يولي جلالته اهتماماً كبيراً للبعد الاقتصادي والاستثماري في جولاته العالمية التي غالباً ما يصطحب معه وفودا من رجال الأعمال الأردنيين ويلتقي كبار المستثمرين في الدول التي يزورها، إلى جانب تأكيد جلالته على مكافحة الفساد بجميع اشكاله واتباع الشفافية في المعاملات.
ان جهود وقيادة جلالته كان لها الدور الابرز في تمتين علاقات الأردن السياسية والاقتصادية والتجارية مع العديد من دول العالم، والمنظمات الدولية والإقليمية سعياً لتحقيق مستوى معيشة أفضل للمواطن، اذ ساهمت جهود جلالته مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة في زيادة حجم المساعدات الخارجية من المنح والقروض الميسرة المقدمة للمملكة.
لقد جسد الأردن نموذجا فريدا وناجحا في السير نحو أعلى مراتب التقدم والازدهار بخطى حثيثة وثقة في بناء الدولة العصرية والإنسان الواعي المدرك، ذلك انه ورغم شح الموارد وقلة الامكانات وانعكاسات الظروف الإقليمية المحيطة والأوضاع الدولية غير المستقرة إلا أن الاردن استطاع بقيادته الهاشمية الحكيمة ووعي أبنائه ان يستثمر الجزء القليل بكل طاقاته ويسخر الجهود الكبيرة بهمة أبنائه العالية وعزم قيادته التي لا تلين ليبني الوطن ومؤسساته حيث كان الإنجاز بحجم التحدي ليكتب الوطن قصة نجاح نفاخر بها.
ان توجيهات ورؤية جلالة الملك عبدالله الثاني الثاقبة كانت المرشد للمؤسسة نحو المزيد من البناء التراكمي على ما تحقق وتفعيل الخطط والبرامج الرامية لزيادة العناصر الجاذبة للإستثمار الصناعي في المدن الصناعية القائمة والجديدة حيث أصبحت ركنا اساسيا من أركان البيئة الإستثمارية الأردنية القادرة على خدمة الإستثمار الصناعي بجميع أشكاله وتوفير مسببات وجوده ونجاح مسيرته لتكون المؤسسة هي الرائدة في مجال انشاء المدن الصناعية وخدمة الإستثمارات الصناعية في الأردن.
ان الشأن الاقتصادي شكل الحيز الاكبر من اولويات العمل كما يراها جلالته برؤيته الثاقبة والحكيمة من منطلق حرصه على حماية المواطن من زيادة تكاليف المعيشة وتركيزه على ترسيخ العدالة خاصة في مجال توزيع مكتسبات التنمية، وكان ذلك واضحا من خلال حزمة الاجراءات التي يأمر جلالته بتنفيذها، ودعمه للكثير من المبادرات الوطنية واللجان الهادفة الى تلمس احتياجات الوطن والمواطن ودراسة اوضاع المناطق والأقاليم ومتطلباتها تمثلت بالمدن الصناعية العاملة في عدد من مناطق المملكة.
ان الملف الاقتصادي يشكل عاملاً أساسياً وأولوية كبرى بالنسبة للدولة الأردنية وتنبع هذه الأهمية من رؤى وأفكار جلالة الملك بتحقيق تنمية اقتصادية شاملة وعادلة، ومن الواقع الذي يعيش فيه الأردن والظروف التي أحاطت وما تزال تحيط به حتى وقتنا الحاضر ذلك ان الرؤى الاقتصادية لجلالة الملك انصبت على تحويل الأردن إلى إنموذج حيوي يُحتذى به في المنطقة، اذ دأب جلالته على بذل الجهود المضنية لتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي وتعظيم دور القطاع الخاص في التحرر الاقتصادي لتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة تعمل على توفير فرص العمل المناسبة لأبناء الوطن وتأمين مستوى معيشي أفضل لهم.
ان جلالة الملك عبد الله الثاني اولى أهمية للاستثمار الذي اعطى قوة دفع للاقتصاد المحلي بتحسين قدرته على التفاعل مع الاقتصاد العالمي والمشاركة في العملية الإنتاجية بحيث يكون هذا الاستثمار جزءا أساسياً من الرافعة التي تنقل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أكثر كفاءة مرتبط بالاقتصاد العالمي ومساهم في العملية الإنتاجية الدولية من خلال ضخ صادراته المحلية إلى العالم الخارجي.
ويتمتع جلالة الملك بنظرة قائد يدرك مكامن الثقل الاقتصادي في دول العالم، فقام بزيارات لعدد من الدول الأجنبية في توجه عميق ذي دلالات سياسية واقتصادية لدمج مصادر الاقتصاد بين الأردن وهذه الدول من أجل توقيع عدد من الاتفاقيات الدولية والثنائية التي تصب في مصلحة الاستثمار وتبادل الخبرات والموارد.
ان لجولات جلالته التي يقوم بها ولقاءاته مع رجال الأعمال في العديد من الدول بالإضافة إلى المشاركة في المنتديات الاقتصادية وعمله الدؤوب لترويج الأردن، اثرا واضحا في وضع الاردن على الخارطة العالمية للاستثمار بفضل البيئة المناسبة التي أوعز جلالته بضرورة توفيرها والحفاظ عليها فالاستثمارات التي تشهدها العاصمة عمان والعقبة وبقية محافظات المملكة هي نتاج لجهود جلالته بشكل رئيس ومن أجل توزيع مكتسبات التنمية بشكل أكثر عدالة وللعمل على إنعاش المحافظات من ناحية تخفيض نسب الفقر والبطالة فيها.
حرص جلاله الملك على الاستثمار في مناطق مختلفة من المملكة حيث تنتشر فيها العديد من المناطق الصناعية المؤهلة بالإضافة الى العشرات من المناطق الحرة التي ساهمت جميعها بشكل كبير في استقطاب العديد من الاستثمارات المولدة للعمالة وتعزيز الصادرات الكلية.
ان دور جلالته الشخصي برز في فتح الاسواق العالمية امام المستثمرين في السوق المحلي من خلال عقد اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وكندا اضافة الى اتفاقيات الشراكة مع اوروبا وغيرها من الاتفاقيات التي فتحت بدورها الاسواق العالمية المختلفة امام الصناعات الاردنية وامام كل من يرغب بالاسثتمار في السوق الاردنية.
لقد شهد عهد جلالته تطورا مستمرا في المجالات التنموية الشاملة في ظل بيئة تشريعية ملائمة الأمر الذي كان له الأثر الاكبر في تمكينه من تبوؤ مكانة مرموقة على الصعيد العالمي كأحد أهم الدول الجاذبة للاستثمار في المنطقة وهذا التطور وما رافقه من انجازات ما كان ليتحقق لولا رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني الذي أولى جل اهتمامه لتعزيز اوجه التطور في مختلف المجالات.
ان لجهود جلالة القائد دورا كبيرا في تسويق الأردن عالميا من خلال التعريف بإمكاناته وتنظيم المؤتمرات الاقتصادية العالمية والتوجيه لتحقيق متطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية فجلالته قدم صورة واضحة للأردن بالتأكيد على أهمية العلاقات الدولية والتعاون الإقليمي كدولة منفتحة اقتصاديا تواكب الظروف الاقتصادية العالمية.
ان التوجيهات الملكية السامية لرسم السياسات الاقتصادية انعكست على تطوير البيئة الاستثمارية الحاضنة للاستثمار من خلال توحيد الأطر التشريعية الناظمة له والتأكيد على زيادة الحوافز والإعفاءات والارتقاء ببيئة الأعمال بما يتفق والمعايير الدولية؛ ما انعكس إيجابا على جذب رأس المال الأجنبي في مختلف الأنشطة الاقتصادية.
لقد جاءت توجيهات جلالة الملك السامية إلى الحكومات المتعاقبة لتصنع الإطار الشامل لبناء سياسات اقتصادية إصلاحية تنعكس بالخير على الوطن والمواطن والسير بسياسات اجتماعية تراعي خصوصية المجتمع وتهدف إلى تخفيض الفقر والبطالة وتحقيق التنمية المتوازنة الشاملة.
وإجمالاً فإن زيارات جلالة الملك وجهوده الرامية لتعزيز الواقع الاقتصادي تعكس التوجه الجاد في استثمار علاقات الاردن المتميزة مع دول العالم لصالح تحقيق نهوض داخلي شامل، والاستفادة من قدراته وإمكانياته المتوفرة في تثبيت مكانه المميز والقادر والقوي الحضور على الخارطة العالمية.

مقالات ذات صلة