في الإعلام، المصطلح في الإستخدام السياسي

صدر مؤخرا للمؤلفة والباحثة والأكاديمية الدكتورة صورية بو كلخة من الجزائر، كتاب ” في الإعلام، المصطلح في الإستخدام السياسي”
الكتاب من 289 صفحة
حاولت فيه بوكلخة إلقاء الضوء على واحدة من القضايا الهامة التي تستقطب أنظار الباحثين في مجال الإعلام، وإن كان البحث فيه يبدو قليلا بالقياس إلى ما يكتب في غيره من مجالات البحث الأخرى
ويلاحظ المتتبع لما كتب حول نشاط وسائل الإعلام العربية أنَّه لم يتم بعد الاهتمام بالشكل الكافي بقضية صناعة المصطلح في اللغة العربية بشكل عام، وفي مجال الإعلام بشكل خاص، كما لم يتم الانتباه بعد إلى الخطورة التي يمكن أن يشكلها المصطلح الإعلامي إذا تم استخدامه أو تداوله بطريقة غير مدروسة، بالإضافة إلى ما يمكن ملاحطته من اختلاف كبير بين وسائل الإعلام العربية في استخدام المصطلحات والألفاظ، والذي لا يعبر عن الواقع العربي وقضاياه بقدر ما يعبر عن الصورة التي يريد الغرب إعطاءها له بالشكل الذي يخدم مصالحه وأيديولوجياته فيه.
ومن هنا أصبح من الضروري الالتفات إلى دراسة هذا الموضوع الحيوي، والذي يتعلَّق بجميع مجالات الحياة، خاصة بعد التقدم التكنولوجي الهائل الذي وصلت إليه وسائل الإعلام والاتصال، والأهم من ذلك أن هناك حاجة ماسة لدراسة اللغة المستعملة في مجال الإعلام، واستجلاء نقائصها من أدل استثمار طاقاتها الإنجازية وفعاليتها خلال الاستعمالات المختلفة للخطاب الإعلامي.
ومن هذا المنطلق كان الاهتمام بقضية المصطلح الإعلامي العربي، وذلك من خلال تتبُّع كيفية استعماله في بعض وسائل الإعلام العربية، ذات الانتشار الواسع في الوطن العربي، وبخلفيات هذا الاستعمال الذي يجري فيه اختيار المصطلحات، كما أرادت الباحثة أن توضح التداعيات التي تترتب على الاختيار غير الدقيق لهذه المصطلحات، وأن توجه الأنطار إلى النتائج المترتبة على بقاء الإعلام العربي دائما في مقام المتلقي المستهلك الذي لا ينتج في الغالب ما يستطيع أن يعبر به عن واقع الأمة وقضاياها الكبرى، بالرغم من أنه أصبح يعتبر اليوم طرفا في المواجهة أمام الإعلام الغربي ومن يقف خلفه.
وقد تركز اهتمام بو كلخة على ما تسببه إشكالية المصطلح الإعلامي في الاستعمال السياسي العربي من مغالطات وخلط وتحوير للحقائق، وعلى بيان تداعيات هذا الاستعمال في مختلف وسائل الإعلام العربية، وحاولت البحث عن الحيثيات التي يمكن أن يوصف بها واقع المصطلح الإعلامي العربي السياسي؟ وهل تواجه اللغة الإعلامية إشكالية تعدد المصطلح الإعلامي العربي مقابل المصطلح الأجنبي الواحد؟
وهل تعدد المصطلح الإعلامي هو تعدد ذو توجه سياسي أو إيديولوجي أو ثقافي، أم تعدد لساني مرتبط باختيارات تقنية لغوية؟ وكيف السبيل إلى توحيد المصطلح الإعلامي العربي؟
وقد آثرت أن تكون وسيلتها في ذلك التركيز على وطيفة المصطلح الإعلامي التداولية، لأن الحديث عن المصطلح الإعلامي مرتبط بمجالات حيوية واقعية ذات فاعلية واضحة في مختلف الممارسات الإعلامية، ولأن المصطلح الإعلامي يرتبط بحدث تواصلي محسوس، في ظل خطابات مختلفة كالخطاب السياسي، الخطاب الديني، الخطاب الصحفي، الخطاب الفني، وغيرها… في ظل أغراض ومقاصد إعلامية وتوديهية فاعلة في حياة الأفراد والشعوب, واعتمدت في ذلك على نماذج من المصطلحات الأكثر استعمالا وتكرارا في وسائل الإعلام العربية.
وقد دعمت عملها هذا بأمثلة تطبيقية ومخططات توضيحية لتدعيم البحث، وربط الجانب النظري منه بالجانب التطبيقي، وذلك من خلال نماذج من واقع الإعلام العربي في وسائل الإعلام العربية.وقد اختارت في كتابها هذا نموذجا تطبيقيا يمثل للإستراتيجية الإقناعية
بنص من الملحق الخاص بمشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية الذي تقدم به الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والذي يتضمن استدعاء هيئة الناخبين الجزائريين للاستفتاء المتعلق بالمصالحة الوطنية بتاريخ: 29/ 09/ 2005، وقد وقع اختيارها عليه لأنه خطاب إقناعي نجح المرسل – المتمثل في شخص رئيس الجمهورية- من خلاله في التوفيق بين فئتين من المجتمع الجزائري من الصعب الجمع بينهما نظرا للأحداث الخطيرة التي مرت بها الجزائر خلال عقد كامل من الزمن لا يمكن وصفه إلا بأنه كان حربا أهلية صامتة.
كما أن نجاح المرسل في تحقيق هدف الخطاب ناتج عن تمتعه بكفاءة لغوية وتداولية متميزة – نظرا لخبرته وحنكته السياسية- والتي تطهر بوضوح من خلال توفُّقه في اختيار المصطلحات المناسبة للظروف المقامية التي أُنتج فيها الخطاب، وتوظيفها التوظيف الصحيح.
ووقفت على جملة من النتائج يمكن حصرها فيما يلي:
يمكن حصر أهمها فيما يلي:
ضرورة توحيد الخلفيات والآراء السياسية، والتوجهات الأيديولوجية لمختلف المؤسسات الإعلامية العربية، بما يخدم القضايا العربية
– ضرورة توفر إرادة سياسية عربية مشتركة ترمي إلى النزعة التوحيدية، وتشجيع الطموحات اللغوية التي تهدف إلى تعميم وتوحيد استعمال المصطلحات في الإعلام العربي بشكل عام، وفي الإعلام السياسي بشكل خاص كخطوة أولى للوحدة العربية في كل المجالات الأخرى
– العمل على مصطلحات إعلامية تتناسب مع ما يطرأ من أحداث سياسية واجتماعية وثقافية، مع مراعاة أن تكون المحتويات والمضامين التي تحملها هذه المصطلحات مطابقة لمضمون الفكر العربي والهوية العربية، والتفكير العربي، ذلك أن اللغة والإعلام معا يشكلان أهم سفير للفكر والحضارة العربية والإسلامية في الخارج، بغض النظر عن دورهما الفعال في داخل الوطن العربي.
– فتح معهد عربي استراتيجي للدراسات الإعلامية يعنى بمتابعة أجهزة الإلام العالمية لغويا، وسياسيا، وفكريا، ويدرس التعابير والألفاظ والمصطلحات التي يصدرها الإعلام الغربي، ويزود الإلام العربي بالمصطلحات والتعابير المناسبة، إذ يبقى التنسيق بين المعاهد والهيئات والمجامع العربية والمؤسسات الإعلامية، في وضع واستعمال المصطلحات ونشرها غير كاف، ويحتاج إلى جهاز أكبر يعما من أجل دراسة وتوحيد هذا الاستعمال توجيهه، ويقوم بمبادراته اللغوية من أجل الحفاظ على الحق العربي، والشخصية العربية والثقافة العربية بشكل مدروس من قبل المتخصصين من فقهاء اللغة العربية.
– العمل على بناء تخطيط إعلامي يتوافق مع المعطيات الراهنة.
– تدعيم هذا العمل بوجود سياسات إعلامية تتوافق مع المخططات الموضوعة.
من الجدير ذكره إن صورية عبد القادر بوكلخة هي
أستاذة لسانيات بقسم اللغة والأدب العربي
كلية الآداب واللُّغات بجامعة ابن خلدون بتيارت
نائب رئيس القسم مكلَّفة بما بعد التدرج والبحث العلمي والعلاقات الخارجية
بجامعة اين خلدون
متحصّْلة على ماجستير في العلوم اللغوية والاتصال من جامعة السانيا بوهران
دكتوراه في اللسانيات من جامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان
عضو باحث بمخبر الدراسات النحوية واللغوية بين التراث والحداثة في الجزائر بجامعة ابن خلدون بتيارت
عضو باحث بمشروع بحث في إطار التعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية الوطنية حول المقاربة النصية والتدريس بالكفاءات في مرحلة التعليم الابتدائي
المؤلفات المنشورة:
1- كتاب بعنوان: اللسانيات التداولية – مدخل إلى المفاهيم والنظريات، ط: 01: سنة: 2008
2- كتاب بعنوان: في الإعلام العربي – المصطلح في الاستعمال السياسي- دراسة في المفهوم والتداول.

مقالات ذات صلة