
نعم، ضربت أمريكا… ولكن بكت إسرائيل
بقلم الاذاعي: شريف عبدالوهاب
في ساعات الفجر الأولى، عبرت صواريخ كروز سماء الخليج نحو أهداف دقيقة في عمق الأراضي الإيرانية. منشآت نووية، قواعد صاروخية، ومراكز قيادة تم قصفها بضربة أمريكية محسوبة، حاسمة، لكن ليست نهائية.
هكذا تحدثت الشاشات. هكذا قرأت الصحف.
نعم، أمريكا ضربت.
لكن… وسط هذا الوهج الناري، كانت هناك دموع تتساقط في الظل.
دموع لا تراها الأقمار الصناعية، ولا تُرصد في غرف العمليات،
دموع سقطت من عيون الإسرائيليين.
لماذا بكت إسرائيل؟
لقد ظنّت أن الضربة ستمنحها مزيداً من الأمان، وأن القبضة الأمريكية ستحسم المعركة التي بدأت منذ شهور في الظل وعلى حدود غزة وجنوب لبنان والجولان.
لكن الحقيقة كانت أقسى.
فإيران، رغم الألم، لم تسقط. بل ردّت… لا من طهران، بل من حيث لا يُتوقع:
الميليشيات في الجنوب، الصواريخ من الشمال، والنار من تحت الأرض.
ولأول مرة منذ عقود، عاشت إسرائيل رعباً جماعياً.
الملاجئ امتلأت، المستوطنات أُخلِيت، وصوت صافرات الإنذار بات جزءاً من الحياة اليومية.
مأزق الحليف الذي لا ينام
الضربة الأمريكية لم تكن بلا ثمن.
أمريكا أرادت استعراض القوة، لكن الحسابات لم تتطابق مع النتائج.
وإسرائيل التي هلّلت في البداية، سرعان ما أدركت أنها ليست المتفرّج، بل اللاعب الميداني الذي سيتلقى أولى الردود.
الرسالة السياسية المرّة
إسرائيل تدرك الآن أنها وحدها في وجه نار قد تطول.
واشنطن، وإن أطلقت شرارة الحرب، ليست في وارد التضحية بجنودها من أجل مغامرة لا تحظى بتوافق داخلي ولا دعم دولي.
والرأي العام الأمريكي، كما الكونغرس، يراقب بحذر ولا يريد تكرار سيناريوهات العراق وأفغانستان.
الضربة التي أيقظت الحقيقة
الدموع في إسرائيل لم تكن فقط على الصواريخ، بل على وهم السيطرة الكاملة.
لقد أيقنت تل أبيب أن التفوق العسكري لا يضمن الأمان، وأن الحليف الأقوى، وإن ضرب، لا يضمن البقاء في المعركة حتى النهاية.
نعم، أمريكا ضربت… لكن إسرائيل بكت.
لأن النيران حين تشتعل في الشرق الأوسط، لا تعترف بالحسابات الدقيقة…
بل تحرق الجميع، وتبقي على الحقيقة الأبدية:
أن لا أحد يربح في حرب بلا نهاية.



