أم قيس الأردنية مدينة الفلاسفة والشعراء
إربد (الأردن)/ليث الجنيدي/الأناضول –
على بعد 28 كم من محافظة إربد، شمالي الأردن، تقع مدينة “أم قيس” الأثرية، المكان الذي يأسر زائريه بشواهد حاضرة على عمق التاريخ وعراقة الماضي.
بين أحجارها وأعمدتها تجد القصص، التي سطرتها حضارات متعاقبة، سكنت المدينة الأثرية وتركت علامة فارقة في حقبتها، وكأنهم يقولون لمن يأتي خلفهم.. هذا ما فعلناه ، فماذا ستفعل أنت؟.
تاريخ موقع “أم قيس”، الأثري يعود للحقبة اليونانية باعتبارها من مدن الحلف الروماني، وتميزت بأنها مدينة الحكماء والفلاسفة واشتهرت في ذلك الزمان بالعديد من الشعراء.
ومن أشهر شعراءها آرابيوس، الذي يخطاب زوار “أم قيس”، بكلمات محفورة على شاهد قبره، بالقول: “أيها المار من هنا، كما أنت الآن كنت أنا، وكما أنا الآن ستكون أنت، فتمتع بالحياة لأنك فان”.
الإطلالة المتميزة لمدينة أ”م قيس” الأثرية، تنم عن بعد فكر لمؤسسيها، فبمجرد الوصول إليها، يظهر أمام أعين زائريها نهر اليرموك وهضبة الجولان وبحيرة طبريا.
“أم قيس” اسم أطلق منذ فترة لا تتعدى عشرات السنين، وقد تم اشتقاقه من الكلمة العثمانية “مكوس”، والتي تعني الضرائب.
عرفت “أم قيس”، أو كما يسميها أهل المنطقة “أم كيس”، في قديم الزمان باسم جدارا ،وهي إحدى المدن اليونانية – الرومانية العشر (الديكابولس).
ورد ذكر هذه المدينة للمرة الأولى سنة 223 قبل الميلاد كمركز عسكري وقلعة للبطالمة في مصر، حيث لعبت دوراً هاماً أثناء الحروب التي استعرت بين قوات الإسكندر الأكبر للاستيلاء على سوريا.
تبلغ مساحة الموقع الأثري لمدينة “أم قيس” نحو 550 دونم (الدونم=ألف متر مربع)، وتتنوع آثارها بين المباني اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.
ومن أبرز المعالم الأثرية، التي يحتويها الموقع هي المسرحين الشمالي والغربي، ساحة الكنائس، الشرفة، الشارع الرئيسي، وسبيل الحوريات والمقبرة الملكية وبوابة طبريا.
كما يضم الموقع الأثري قرية عثمانية وأنفاقاً للمياه تسير لمسافات طويلة تحت الأرض ومجمع الحمامات البيزنطي والمتحف ومركز الزوار.
ومتحف “أم قيس” موجود في بيت الروسان (أكثر العائلات الأردنية شهرة في المنطقة)، وكان يستعمل في الأصل كمنزل للحاكم العثماني، ويعرض هذا المتحف قطعا أثرية من تماثيل وفسيفساء وعملات معدنية، وهو من الاكتشافات الأثرية التي تم العثور عليها.
موسى ملكاوي، مدير أثار بني كنانة، التي تتبع لها أم قيس، يقول، في حديث للأناضول،: “يعود تاريخ أم قيس إلى الفترات الهلنستية مروراً بالعصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية وحتى الفترة العثمانية”.
وتابع ملكاوي “المكتشف من المدينة الأثرية لا يتجاوز عشرين بالمئة.. معظم الآثار الموجود في المنطقة تم بناؤها من قبل أبناء المنطقة سواء في الحقبة الرومانية أو العثمانية أو غيرها”.
ومضى “الإطلالة المتميزة لأم قيس تأتي من موقعها الاستراتيجي، فمن هنا نشاهد هضبة الجولان وبحيرة طبريا وشمال فلسطين وجبل الشيخ وجنوب لبنان”.
ولفت إلى أن “الحركة السياحية للمنطقة تشهد إقبالاً متزايداً عن العام الماضي، وما يميزها هو الحركة السياحية المحلية، بحيث يزورها آلاف الأردنيين في عطلة نهاية الأسبوع ويصل العدد لـ 15 ألفاً في يوم واحد”.
كارولين شيميك، سائحة أمريكية، تقول، للأناضول، أثناء جولتها بالمكان، إنها المرة الأولى التي تزور فيها “أم قيس”، واصفة الموقع بأنه “مكان رائع جداً وتاريخه قديم وحضاراته متعددة”.
وبينت “عندما سأعود للولايات المتحدة، سأدعو الجميع لزيارة هذا المكان الجميل.. ليس لي أي ملاحظات على المكان، ولكن ربما يتم وضع المزيد من الإشارات التوضيحية للمعالم بلغات مختلفة”.
ستيف، أمريكي آخر، كان في الموقع برفقة زوجته، اعتبر أن الأردن بشكل عام بلد جميل وهو مختلف عن الولايات المتحدة ، أم قيس قطعة خضراء جميلة على هذ الأرض.
أما فهد العطوي، سعودي، فيقول، للأناضول، “هذه المرة الأولى التي أزور الأردن فيها، ما توقعت أن تكون “أم قيس” بهذا الجمال”.
ودعا الأصدقاء والأقارب إلى زيارة هذا المكان ذي الطبيعة الخلابة والآثار المميزة.
ويضم الأردن وفق إحصائيات رسمية نحو 100 ألف موقع أثري وسياحي، تتوزع في مختلف محافظات المملكة ومدنها.