فندق صوفر اللبناني يعيد بالرسم إحياء ذاكرة لبنان والمنطقة على مدى قرن ” فيديو “

صوفر (جبل لبنان )

في ظلال الأشجار وعلى الطريق الدولي الرابط بيروت بدمشق يقع “فندق صوفر الكبير” شاهدا على الكثير من الأحداث التاريخية. الحروب والعواصف والإهمال لم تستطع محو هذا المعلم من الذاكرة رغم التشوهات والأضرار التي أصابته من الخارج والداخل.

في قلب بلدة صوفر في جبل لبنان شيَّدت عائلة سرسق الميسورة فندق صوفر الكبير في نهاية القرن التاسع عشر، ليكون قيمة فنية جمعت فن العمارة الشرقي والأوروبي.

كان  فندق صوفر الكبير في الماضي نقطة التقاء للمشاهير والسياسيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط..

والآن، بعد أكثر من 40 عاما على إغلاقه، أعيد فتحه للجمهور.

ولأول مرة منذ الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975 وانتهت عام 1990 فتح الفندق أبوابه أمام الزائرين لفترة وجيزة لاكتشاف فصول من الذاكرة التي ما تزال محفورة على جدرانه.

ويتمكن الزائرون حتى 21 اكتوبر تشرين الأول من الاطلاع على الذاكرة المثقوبة ببصمات الحرب والتي تحولت الى جزء من ديكور الفندق.

ففي الطبقة الأولى من فندق صوفر الكبير يتنقل الفنان والناشط البريطاني توم يونج الذي إستعان به مالكو الفندق لإعادة بعض ذكرياته باللوحات الزيتية  بين الزائرين شارحا  خلفيات كل لوحة رسمها  على جدرانه .

ومزهوا بما أنجزه من رسومات يشير يونج إلى لوحاته شارحا تفاصيلها وأبعادها ويقول للصحفيين ”هذا فريد الأطرش وهذه أخته أسمهان أو آمال الأطرش، كانا هنا في الفندق، ظلا هنا، وهنا نراهما يتناولان القهوة مع أم كلثوم“.

ويتابع شرح المزيد من الرسومات حيث يطلع الجمهور على ستين لوحة اتخذت مكانها على الجدران العتيقة وبينها رسومات للممثل المصري عمر الشريف والموسيقار المصري محمد عبد الوهاب والأديب اللبناني أمين الريحاني وجمعيهم كانوا نزلاء الفندق في النصف الاول من القرن الماضي

وفي غرفة تحتوي على طاولة روليت قديمة متهالكة رسم يانج لوحة لمسؤولين عرب وبريطانيين بناء على صور اجتماع جامعة الدول العربية الذي عقد عام 1947 في الفندق.

الجدران والأرضيات في الفندق خالية تماما من أي تزيين أو ورق جدران ولم يبق أي أثر للزجاج على النوافذ.

وفي الخارج في فناء الفندق حيث يلفح نسيم المساء البارد الحضور يتراقص بعض اللبنانيين والأجانب على وقع الموسيقى مما أعاد الحياة إلى الفندق.

ولم يقتصر تركيز الفنان البريطاني على المبنى كأثر إنما اهتم أيضا بربط الفندق بالتاريخ السياسي حيث يشير بأصابعه إلى حديقة الفندق قائلا ”هنا عقد أول اجتماع بين الفرنسي والبريطاني في الحديقة في فترة الحرب العالمية الأولى.

هذا الفندق هو بمثابة كتاب تاريخ عن لبنان منذ القرن التاسع عشر. هو مكان سحري وأسطوري ويلهمنا الكثير“.

وشُيد فندق صوفر عام 1885 ويملكه إبراهيم سرسق الذي اختار تصميمه على الطراز الإيطالي.

ويشهد تاريخه أنه جمع مشاهير العرب والأجانب وكان الدخول إليه ممنوعا إلا بالملابس الرسمية. شغله أشهر السياسيين اللبنانيين ومنهم الرؤساء الراحلون إميل إده وبشارة الخوري وكميل شمعون وغيرهم إضافة إلى الملك الأردني الحسين بن طلال والزعيم المصري سعد زغلول والعديد من الأمراء والفنانين العرب.

وخلال الحرب الأهلية في لبنان التي اندلعت بين عامي 1075 و1990  أقامت بالفندق القوات السورية وحولته إلى مركز عملياتها طيلة فترة سيطرتها على لبنان التي استمرت لنحو ثلاثة عقود قبل أن تنسحب في عام 2005.

وتقول المواطنة أديبة عبد الخالق التي بلغت السبعينات من العمر لرويترز ”عندما زرت الفندق استرجعت كل ذكرياتي، نحن نقطن في منطقة قريبة من الفندق وكنا دائما من رواده، كان يشكل فسحة جمالية لا سابق لها، ماض له عز كبير، كنا نلتقي بالفنانين العرب والأجانب .. هذه الأيام لن تتكرر“.

مقالات ذات صلة