الزميلة الإعلامية نبيلة السلاخ في ذمة الله

حرير – انتقلت إلى رحمته تعالى مساء الثلاثاء 11/ 11/ 2025 الزميلة الإعلامية نبيلة السلاخ والدة الزميل الإعلامي الأستاذ نبيل أبو عبيد وارملة المرحوم الزميل الأستاذ محمود ابو عبيد ، وسيشيع جثمانها الطاهر إلى مثواه الأخير بعد صلاة ظهر يوم غد الأربعاء 12/ 11/  2025 من مسجد مقبرة سحاب الإسلامية إلى مدافن العائلة بسحاب ،.

حرير تشارك الزميل الأستاذ نبيل أبو عبيد احزانه بفقد والدته و تضرع إلى المولى عز وجل أن يرحمها رحمة واسعة وان يسكنها فسيح جنانه.

وفيما يلي بعض ملامح مسيرة الزميلة المرحومة نبيلة السلاخ:

نبيلة السلاخ… صوت دافئ في ذاكرة الأثير الأردني

في فضاء الأثير الأردني، حيث تبلورت ملامح الوجدان الجمعي من خلال أصواتٍ خالدة جمعت بين الحس الوطني والثقافة والدفء الإنساني، برزت نبيلة السلاخ كإحدى أبرز الأصوات النسائية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرة المستمع الأردني والعربي. ففي الزمن الذي كان فيه الراديو المصدر الأوثق للمعلومة والرفيق اليومي للعائلة، تميز صوتها بالثقة والأناقة والدفء، وحملت عبر برامجها نبض الناس وقضاياهم، مسهمة في ترسيخ ذائقة إذاعية راقية وصناعة حضور لا ينسى في تاريخ البث الإذاعي.

لقد كانت صوتًا يحمل معنى، وروحًا تنقل الإحساس، ووجهًا إذاعيًا يرافق الناس في تفاصيل يومهم، ويعيد صياغة العلاقة بين الإعلام والمجتمع بقالب إنسانيّ متزن.

بدأت نبيلة السلاخ مسيرتها الإعلامية في عام 1977، عندما التحقت رسميًا بـ الإذاعة الأردنية، ضمن جيل جديد من المذيعين والمذيعات الذين مثّلوا نقلة نوعية في الأداء الإذاعي. ومنذ لحظة دخولها هذا العالم، أظهرت كفاءة لغوية، وقدرة تعبيرية، وحسًا اجتماعيًا مكنها من التقدم بثبات في مواقع العمل الإذاعي.

قدمت الإعلامية نبيلة السلاخ باقة واسعة من البرامج الإذاعية التي تركت بصمة واضحة في ذاكرة المستمع الأردني، وجعلت من صوتها رفيقًا يوميًا في البيوت الأردنية، سواء في لحظات التأمل أو المعرفة أو الترفيه. امتزجت في برامجها المعرفة والثقافة والتأمل الاجتماعي، ما جعلها واحدة من أبرز الأصوات النسائية في الإعلام الأردني.

تجدر الإشارة إلى أن نبيلة السلاخ قدمت كل برامجها الإذاعية برفقة زوجها الإعلامي الراحل محمود أبو عبيد، حيث شكّلا معًا ثنائيًا إذاعيًا متميزًا استطاع أن يخلق تواصلًا مباشرًا وحميميًا مع المستمعين، وأضفى على كل حلقة روح المعرفة والثقافة والدفء الإنساني.

أبرز برامجها الإذاعية
مع الغروب
يُعد هذا البرنامج من أبرز ما قدمته نبيلة السلاخ، وقد ارتبط اسمه بذاكرة المستمع الأردني خلال شهر رمضان، إذ كان يُبث قبيل أذان المغرب. حمل البرنامج طابعًا وجدانيًا وتأمليًا، وامتاز بنصوصه الهادئة والموسيقى الكلاسيكية المصاحبة، إضافة إلى التأملات الإنسانية التي كانت تهيئ الجمهور لسكينة اللحظة الرمضانية.

مجلة الأثير
برنامج ثقافي شامل يُقدَّم على شكل مجلة إذاعية تتنقل بين موضوعات فكرية وثقافية واجتماعية. تناولت السلاخ من خلاله أخبار الثقافة المحلية والعربية، وأجرت حوارات مع كتّاب وفنانين، كما سلطت الضوء على الإنتاج الثقافي الأردني. أظهر البرنامج معرفتها العميقة بالشأن الثقافي، وقدرتها على إيصال الأفكار بلغة سلسة تحترم عقل المستمع.

فنجان قهوة
برنامج صباحي اجتماعي، كانت من خلاله تدخل إلى البيوت الأردنية كصوتٍ دافئ يرافق المستمع في بداية يومه. تناول البرنامج موضوعات الحياة اليومية مثل قضايا الأسرة، التربية، الصحة، والعلاقات الاجتماعية. اعتمد على أسلوب حواري مباشر بسيط، وخلق جسرًا من الألفة بين نبيلة السلاخ وجمهورها، حتى بات اسم البرنامج مرتبطًا بروح التواصل اليومي الحيّ مع الناس.

لقاء الظهيرة
من أوائل البرامج التي قدمتها عند التحاقها بالإذاعة، وهو برنامج إخباري-حواري بُث لسنوات طويلة. تضمن البرنامج قراءات تحليلية للأحداث، واستضاف شخصيات من مختلف القطاعات لمناقشة قضايا الساعة. كانت نبيلة السلاخ تدير الحوار بثقة واتزان، مما عزز حضورها كمقدمة برامج قادرة على تناول الموضوعات الجادة بموضوعية وعمق. تجاوز البرنامج حاجز الألف حلقة، وكان من أكثر البرامج متابعة في فترة ما بعد الظهيرة.

نبيلة السلاخ لم تكن فقط صوتًا إذاعيًا بارزًا، بل ساهمت أيضًا في تدريب أجيال جديدة من الإعلاميين، وشاركت في صياغة خطاب إذاعي متزن، يحترم عقل المستمع ويقدّر ثقافته. تميزت برصانتها ومهنيتها العالية، بعيدًا عن الاستعراض أو التكلّف، مما منحها احترامًا كبيرًا في الوسط الإعلامي.

في عام 2006، كرّمها مركز الإعلاميات العربيات خلال احتفالية “يوم الإعلامية العربية”، تقديرًا لريادتها في مجال الإذاعة، إلى جانب إعلاميات بارزات في المشهد الأردني والعربي. وقد تم الاحتفاء بها أيضًا في أكثر من مناسبة محلية اعترافًا بتميزها وإخلاصها لرسالة الإعلام الوطني.

تمثل تجربة نبيلة السلاخ حالة فريدة في الإعلام الأردني، جمعت بين الثقافة والمهنية والإنسانية. ظل صوتها رفيقًا للمستمع الأردني لعقود طويلة، وارتبط بحكايات الصباح، وهدوء المساء، وهموم المجتمع، وذاكرة الوطن. هي واحدة من النساء اللواتي أسّسن لصوت أنثوي حاضر بقوة دون أن يفقد رصانته، وساهمن في تشكيل ذائقة المستمع الإذاعي الأردني على مدى أجيال.

مقالات ذات صلة