3 سيناريوهات تهدّد الاقتصاد الإسرائيلي

حرير – كشف معهد أهارون للسياسات الاقتصادية، التابع لجامعة ريتشمان العبرية، عن ثلاثة سيناريوهات مختلفة بشأن غزة، تُشير إلى اتجاهات متباينة لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، في حال قبول أو رفض خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام.

وحسب تقرير المعهد الذي نشرته صحيفة كالكاليست العبرية، في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2025، فإن احتلال غزة سيؤدي إلى سيناريو “مروّع من العزلة الدولية”، وعجز كبير، وتدهور في مستوى المعيشة، بينما الاستمرار في البقاء في غزة دون تسوية “سيكون له ثمن باهظ أيضاً”، وأوضح رئيس معهد أهارون، تسفي إكشتاين، أن البيانات الحقيقية المتعلقة بالحرب في غزة أكثر سلبية من التوقعات.

السيناريو الأول

أورد التقرير أن السيناريو الأول يتعلق بقبول خطة ترامب، أي إنهاء العدوان والتسوية العامة، وهو سيناريو قال عنه المعهد إنه الأكثر واقعية، إذ أشار إلى أن هذا السيناريو هو الوحيد الذي يمكنه أن يعيد للاقتصاد الإسرائيلي مساره الطبيعي بسرعة، حتى قبل نهاية حكومة نتنياهو “على الرغم من أن النمو سيظل منخفضاً هذا العام في حدود 2.2% وبعجز مرتفع بـ5.3% من الناتج المحلي الإجمالي”، وأشار المعهد إلى أن النتائج ستظهر لاحقاً، “إذ سيتعزز النمو بشكل كبير في العامين المقبلين بحوالي 3.6%، وسيبدأ العجز في الانخفاض إلى 4% و2% من الناتج المحلي الإجمالي عامي 2026 و2027، بينما الدين العام ينزل إلى 68 و69% في العامين ذاتهما.
وحتى يجسّد هذا السيناريو، يرى المعهد ضرورة إرفاقه بتنفيذ إصلاحات داعمة للنمو “والتي تعد ضرورية لتحسين معدلات التوظيف وإنتاجية العمل في الاقتصاد والاستثمار في رأس المال البشري والعمالة والبنية التحتية، وخاصة البنية التحتية للنقل والبنية التحتية الرقمية للاقتصاد”، وهذا في الفترة ما بين 2025 و2038.

السيناريو الثاني

السيناريو الثاني الذي كشفت عنه دراسة المعهد العبري يتعلق بالإقدام على الاحتلال الكامل لقطاع غزة، واستمرار الإدارة المدنية الإسرائيلية. وهي الخطة التي قالت عنها الصحيفة إنها تبقى قائمة ما لم يتحقق الاتفاق المقترح حالياً. وفي هذا الصدد قال المعهد إن التداعيات ستكون كارثية على الاقتصاد الإسرائيلي، فبالإضافة إلى التعبئة واسعة النطاق لحوالي 100 ألف جندي احتياطي، “ستلتزم إسرائيل بتوزيع الغذاء والخدمات المدنية الأساسية على سكان غزة”، مشيراً إلى أن هذه الخطوات ستزيد من العزلة السياسية والاقتصادية لإسرائيل ومن العقوبات الغربية، “وهي عمليات جارية بالفعل وتروّجها العديد من الدول”.

ووفقاً لمعهد أهارون، فإن النشاط العسكري، والإنفاق على الإدارة المدنية لغزة، بما في ذلك توزيع الغذاء، سيزيد الإنفاق العسكري في عامي 2025 و2026 إلى أكثر من 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، و8.8% في عام 2026، وسيرتفع العجز في هذين العامين إلى 5.6% و6.9% على التوالي.
وحسب المعهد، فإن النمو سيتأثر في هذا السيناريو بشكل كبير بحيث يؤدي إلى تدهوره إلى 0.7% في 2025، و1.1% في 2026، وأوضح المعهد أن “هذه النتائج تعرض الاستقرار المالي لإسرائيل للخطر”، حيث من المتوقع أن يرتفع الدين إلى حوالي 75.9% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2026، ويستمر إلى 78.8% في عام 2027. ودق المعهد ناقوس الخطر بخصوص هذه الأرقام، إذ يرى فيها “طريقاً معبّداً نحو انخفاض كبير في تصنيف ديون إسرائيل، وارتفاع في علاوة المخاطر، وزيادة في تكاليف تمويل الديون الحكومية وإعادة تدويرها”. وأكد المعهد أنه “في ظل احتلال غزة، لن تُنفَّذ الإصلاحات الداعمة للنمو الاقتصادي، مثل الاستثمار في رأس المال البشري، والتوظيف، والبنية التحتية، وخاصة البنية التحتية للنقل، والبنية التحتية الرقمية للاقتصاد”.
أمام سلبيات هذا السيناريو حذّر معهد أهارون من تبعاته التي قال إنها “تحمل مخاطر جسيمة على الاقتصاد الإسرائيلي واستقراره”، فـ”لن تسمح هذه الظروف بتمويل كامل لمتطلبات نظام الدفاع، ومن المتوقع أن يُلحق ضرر كبير بالخدمات المدنية، وخاصة الصحة والتعليم والاستثمارات في النقل”، وأضاف المعهد “سيؤدي هذا السيناريو إلى تفاقم تدهور وضع إسرائيل على الساحة الدولية، ومن المتوقع أن يُفرض عليها عقوبات اقتصادية ستضر بشركات التصدير، وخاصة صادرات التكنولوجيا الفائقة، والإنتاج المحلي، بسبب صعوبة استيراد المواد الخام”.

عزلة إسرائيل

وخلص التقرير إلى أن العقوبات الاقتصادية الكبيرة ستقلّل من النمو السنوي المحتمل في السنوات من 2028 إلى 2035 بنسبة 2.5% مقارنة بمسار النمو المحتمل للاقتصاد، وستؤدي إلى تباطؤ كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي، بحيث يبلغ متوسطه حوالي 1% سنوياً، بينما يستند التقدير إلى حقيقة أن كل انخفاض بنسبة 10% في الصادرات إلى الدول الأوروبية التي تهدد بفرض عقوبات (لا سيما دول الاتحاد الأوروبي) سيخصم 1% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، وكل انخفاض بنسبة 10% في الواردات من تلك الدول سيؤدي إلى انخفاض بنسبة 0.5% في الناتج المحلي الإجمالي سنوياً. لذلك، يتوقع تقرير معهد أهارون أن “تعيش إسرائيل سنوات من النمو السلبي للفرد وانخفاض في مستوى معيشة المواطنين”.

وواصل التقرير تشاؤمه بخصوص السيناريو الثاني، فقد أشار إلى أن من سلبياته “تواصل انخفاض معدل النمو، مما سيؤدي إلى عجز في الإنفاق الدفاعي، وإلحاق الضرر بالخدمات المدنية والأمن، والدخول في عزلة دولية، وبالتالي زيادة هجرة الشباب من أصحاب الكفاءات، وتفاقم التدهور الاقتصادي”. وتوقع أن تكون هذه الهجرة حادة بشكل خاص في قطاع التكنولوجيا العالية، ويرافقها تراجع جاذبية إسرائيل بوصفها مركزاً للتنمية، وانخفاض وزنها في العمالة.

السيناريو الثالث

تضمن تقرير معهد أهارون سيناريو ثالثاً يشير إلى استمرار الوضع الراهن في غزة دون تنظيم. وقال إنه “أقل كارثية ولكنه يبقى بالغ الصعوبة”. في هذا السيناريو، لفت التقرير إلى وجود نشاط عسكري بالكثافة نفسها التي اتسم بها الربع الثالث من عام 2025، وبالتالي “تستمر مسؤولية إسرائيل عن توزيع الغذاء في قطاع غزة”.
وبيّن أنه من المتوقع أن يبلغ النمو في هذا السيناريو 1.3% عام 2025 و1.7% عام 2026. ويزيد الإنفاق الدفاعي المطلوب، أما العجز في الميزانية فقدّر التقرير وصوله إلى 5.4% في عام 2025 و5% في عام 2026، لكنه جزم بارتفاع الدين إلى 72% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل “مما يضر بشدة بالاستقرار المالي للاقتصاد، ويرفع الدين إلى مستوى 88% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035”.
وحذّر التقرير من هذه الأرقام “الوخيمة”، إذ أكد أن تجاوز الدين 85% من الناتج المحلي الإجمالي يعني “عملياً إفلاس الحكومة الإسرائيلية”، موضحاً أن الوصول لهذا المستوى لا يشجع أي مستثمر، سواء كان محلياً أو أجنبياً، على إقراض الحكومة.

مقالات ذات صلة